العلامة السيد مرتضى العسكري

Thursday, 25 August 2022

العلامة السيد مرتضى العسكري، الشهير بالعلامة العسكري (1974 – 2007م)، باحث إسلامي وخبير في السيرة وتاريخ الشيعة. بذل كل مساعيه لأجل التعريف بمدرسة التشيع، ولم يبخل جهدا في هذا السبيل، حيث كان يعتقد إنّ الافتراءات التي لا أساس لها، لو أُزيلت من المذهب الشيعي الحق، وظهر الوجه الحقيقي لهذا المذهب، سيزول العداء ضد مدرسة أهل البيت(ع)، فبناء عليه قام بالبحث والتحليل في تاريخ صدر الإسلام، واتخذ منهج البحث والتدقيق، فكانت نتيجة دراساته خلال سنوات طويلة هي تأليف أكثر من خمسين كتابا لنشر مدرسة أهل البيت(ع)، والتي لقيت ترحيبا كبيرا من الباحثين والكُتاب في العالم الإسلامي. وإضافة إلى هذا التراث المكتوب الخالد، أسس الراحل العلامة العسكري كلية أصول الدين؛ ليقدّم من خلالها أيضا خدمة لنشر معارف مدرسة أهل البيت(ع).

وكان العلامة العسكري من أعضاء الهيئة العليا للمجمع العالمي لأهل البيت(ع)، كما كان من العلماء المناضلين ضد النظام البعثي، ومن أبرز أعضاء حزب الدعوة الإسلامية في العراق.

العلامة السيد مرتضى العسكري

حياته

ولد العلامة السيد مرتضى العسكري في يوم الأثنين 8 جمادى الآخرة عام 1332 هـ/1911م، في مدينة سامراء. كان أجداده من فقهاء ومحدثي عصرهم، وكان جدّه لأبيه آية الله السيد إسماعيل الحسيني (المتوفى 1306 هـ) ابن السيد محمد كوجك ساوجي، وجدّه لأمّه آية الله الميرزا محمد شريف العسكري الطهراني (المتوفى 1371 هـ). تسنّم أجداده منصب شيخ الإسلام والذي يشبه إلى حدّ ما منصب إمامة الجمعة في مدينة ساوه الإيرانية، وذلك بعد أن دعتهم الحكومة الصفوية من سبزوار، وكما ينقل السيد العسكري نفسه، إن الكثير من الناس في هذه المدينة قد اعتنقوا المذهب الشيعي على يد أجداده. كان يُعرف أعلام تلك الأسرة بلقب شيخ الإسلام، إلا السيد مرتضى حيث لقّب بالعسكري نسبة إلى ولادته في مدينة سامراء؛ ولأنه أيضاً بعد وفاة والده رعاه جده لأمه.

دراسته الحوزوية في سامراء

دخل العلامة العسكري حوزة سامراء في سن العاشرة، ودرس الكتب الرسمية في حوزة العراق، مثل السيوطي، وشرح الجامي، وشرح ابن عقيل، ومغني اللبيب، وحاشية ملا عبد الله، ومختصر المعاني.

الهجرة إلى قم

غادر سامراء في بداية حكم رضا خان البهلوي في إيران، وتوجه إلى إيران للدراسة في الحوزة العلمية في قم، وقد وصف هجرته إلى إيران بالتوفيق القهري، حيث قال:

"طويت مرحلَتي المقدمات والأدب في سامراء، حيث كنت اعتمد على ما يصلني من عائد ممتلكاتنا التي كانت لنا في مدينة ساوه، فلم أكن بحاجة إلى الأخذ من الحقوق الشرعية (سهم الإمام) شيئاً، ولما تصدى رضا خان أصدر أمراً بمنع تحويل الأموال إلى العراق فألمّت بي ظروف مالية صعبة، تركت على أثرها سامراء متوجها إلى مدينة قم، في عصر زعيمها الشيخ عبد الكريم الحائري (بين سنة 1351 حتى 1353 هـ) ملقيا رحلي في المدرسة الفيضية، وكانت تجمعني مع الشيخ علي الصافي الكلبايكاني حجرة واحدة...".

 

عودته إلى سامراء

لم تستمر مدة إقامة السيد العسكري في حوزة قم كثيراً، فطلب السيد العسكري وجمع من الفضلاء في حوزة قم العلمية من الميرزا خليل الكمرهئي أن يعقد لهم درساً في تفسير القرآن الكريم؛ إلّا أن ذلك لم يرق لسائر الطلاب فسعوا إلى تعطيل الدرس، وقد نجحوا فعلا بتعطيل الدرس الأمر الذي أثار حفيظة العسكري وأزعجه كثيرا، فقرر العودة إلى سامراء.

الأساتذة

تتلمذ السيد مرتضى في مدينة قم على يد جملة من الأساتذة أبرزهم الإمام الخميني (ره)، وتتلمذ في سامراء على يد حبيب الله الإشتهاردي المعروف بالمدرّس العسكري، والسيد أحمد المرعشي الشوشتري.

تأسيس الجامعة

قام العسكري مع مجموعة من الذين يشاطرونه نفس التفكير، بتأسيس كلية أصول الدين في بغداد التي جعل من برامجها التدريسية مادة التفسير والحديث والعقائد والكلام الإسلامي المقارن، إلا أن يد الإجرام البعثي طالت هذا الصرح العلمي الكبير لتوصد أبوابه أمام رواد العلم، وملاحقة العلامة العسكري.

عضو في حزب الدعوة الإسلامي العراقي

في صيف 1958م، التحق بحزب الدعوة، وبتوصية من آية الله السيد محمد باقر صدر، وفي الاجتماع الأول لمؤسسي الحزب في كربلاء بعد انقلاب 14 تموز 1958م، وانتخب السيد العسكري مع السيد محمد باقر الصدر، والسيد محمد مهدي الحكيم، ومحمد صادق القاموسي لرئاسة مجلس قيادة الحزب.

الاهتمام بالتاريخ

عرف عن العلامة العسكري اهتمامه الكبير بالشأن التاريخي الأمر الذي خلق منه محققا تاريخيا كبيرا انعكس إيجابا على مؤلفاته، حيث قال عن هذا الأمر:

"منذ بداية حياتي العلمية اهتممت بقراءة كتب السيرة وتاريخ نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) والصحابة، والفتن التي حدثت في صدر الإسلام، والرحلات، وقصة المستعمرين في الدول الإسلامية".

 

مؤلفاته وأفكاره

كان العلامة العسكري يؤمن بالوحدة الإسلامية، والتقريب بين المذاهب الإسلامية. وعلى حد قوله إن الخطاب الشيعي مقبول عندما يتحرر من الافتراءات التاريخية؛ لأن أعداء الإسلام وعبر التاريخ قد أوجدوا الكراهية والعداوة بين الشيعة والسنة بهذه الافتراءات. باعتقاده إذا طهرت جبهة الشيعة من الاتهامات الباطلة، وعرف أهل السنة الشيعة ستختفي كل الأمور العدائية، وهذا المنهج واضح في معظم مؤلفاته، وكان يعتقد بالإضافة إلى الاهتمام بالوحي البياني (القرآني)، ينبغي الاهتمام أيضاً بالوحي غير البياني، أي السنة النبوية وقول المعصوم. وبالاعتماد على المصادر الإسلامية، درس الكتب الشيعية والسنية وجعلها محلا للنقد والتحليل. وتمتاز كتاباته ومؤلفاته بالتعبير الواضح والنثر بطلاقة. نُشر له أكثر من خمسين كتاباً، ومن أهم مؤلفاته هي:

عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى

يتناول كتاب عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى (في مجلدين)، التحقيق في الشخصية الأسطورية لعبد الله بن سبأ، وقد ترجم الكتاب إلى اللغة الفارسية تحت عنوان "عبد الله بن سبأ وديكر افسانه هاي تاريخي". ذكر العلامة العسكري أنّه بعد وفاة نبي الإسلام (ص)، بدأ المنافقون يحطمون الوجه الحقيقي للإسلام؛ لأنهم لم يروا أي معارضة أمامهم، وفي هذه الأثناء، قام بعض المغرضين بإنزال مقام النبوة والرسالة إلى مرتبة الاجتهاد؛ وذلك من أجل المساواة بين الصحابة، وتوفير وسيلة لتبرير بعض التصرفات غير اللائقة التي قام بها هؤلاء الصحابة. وذكر إن بعض الرواة في روايات السيرة والتاريخ قلبوا الأمور رأسا على عقب، لدرجة تغيير الليل والنهار والظالم والمظلوم، وهذا النهج قد أساء إلى الإسلام. ومن خلال النظر في مجموع الروايات، أثبت زيف وجود شخصية اسمه عبد الله بن سبأ، وتبيين حقيقة الشيعة للمجتمعات العلمية في العالم الإسلامي، حيث أقدم على هذا الأمر، بينما كان يرى العديد من علماء أهل السنة أن عبد الله بن سبأ مؤسس المذهب الشيعي.

هذه الخطوة العلمية للعلامة العسكرية، أي تأليف كتاب عن اختلاق شخصية عبد الله بن سبأ، سبّبت سعادة وتعجب علماء الشيعة في عصره، وكما نُقل عنه هو نفسه، إن الشيخ راضي آل ياسين، مؤلف كتاب صلح الإمام الحسن (عليه السلام)، وفي هذا الصدد أطلق عليه اسم مزيل وصمة العار عن جبين الشيعة.

أحاديث أم المؤمنين عائشة

كان العلامة العسكري يرى أنّ غير الشيعة يعرفون النبي (ص) من خلال أحاديث عائشة، ومع ذلك فإن النبي الذي تم تقديمه في هذه الروايات غير قابل للتصديق، فيتناول هذا الكتاب بعض الوقائع والأحداث التي حدثت في حياة عائشة، من أجل توضيح الجانب المظلم والمهمل من حياتها، والتعريف بالمكانة الأخلاقية للشخصية والوجه الحقيقي لراوي تلك الأحاديث وعرضها أمام الجمهور، وتوضيح نوعية الروايات المروية عنه.

خمسون ومائة صحابي مختلق

يذكر كتاب خمسون ومائة صحابي مختلق في ثلاث مجلدات 150 صحابياً مختلقاً، حيث كتب العلامة العسكري هذا الكتاب بعد كتاب عبد الله سبأ، والذي قدم فيه مائة وخمسين من الصحابة المختلقين في كتب الحديث عن أهل السنة، باستخدام الوثائق والحجج عند أهل السنة.

معالم المدرستين

يتكون هذا الكتاب من ثلاثة مجلدات، ويُبيّن جذور الخلاف بين مدرستي أهل البيت (عليهم السلام) والخلفاء من خلال دراسة مباني كلتا المدرستين والمقارنة بينهما. في هذا الكتاب يرد العلامة العسكري على أدلة أهل السنة ضد الشيعة دون أي إهانة أو لغة بذيئة. اعتبر بعض المؤلفين هذا الكتاب من أكثر الأعمال تأثيرًا في العالم العربي، بل يقال أنه حتى وجود هذا الكتاب كان جريمة في بعض الدول العربية.

 

مؤلفاته الأخرى

  • السقيفة: تعرض فيه للأحداث التي لحقت وفاة النبي الأكرم (ص) وكيفية تشكيل الحكومة بعده
  • آية التطهير في كتب المدرستين
  • المصحف في الروايات والآثار
  • القرآن الكريم وروايات المدرستين (ثلاثة مجلدات)
  • البكاء على الميت، من سنن الرسول (ص)
  • البناء على قبور الأنبياء والأوصياء واتخاذها مساجد وأماكن للعبادة
  • الصلاة على محمد وآل محمد من سنن النبي (ص)
  • عقائد الإسلام من القرآن الكريم (ثلاثة مجلدات)
  • مع أبي الفتوح التليدي في كتابه «الأنوار الباهرة»
  • نقش ائمه در احياء دين (دور الأئمة في إحياء الدين) (16 مجلدا)
  • امامت ومهدويت در مكتب خلفاء (الإمامة والمهدوية في مدرسة الخلفاء)
  • مع علي الوردي في كتابه وعاظ السلاطين، الذي كتب رداً على آراء علي الوردي (مفكر عراقي).
  • جمع القرآن ومصطلحات قرآنية، الذي يتناول تاريخ جمع المصحف والشبهات المحيطة به.

 

مناظرات العلامة

أدت الكتب التي ألفها والمثيرة للجدل إلى شهرة العلامة العسكري في العالم الإسلامي، مما أدى إلى إيجاد مناظرات مختلفة بينه وبين شخصيات بارزة من أهل السنة مثل ابن باز المفتي السابق للوهابية، وأبو الأعلى المودودي من كبار علماء أهل السنة، وخطيب الرقة.

وفاته

توفي هذا العالم الشيعي البارز، بعد سنوات من النضال العلمي والثقافي وبعد معاناته من المرض، في 16 سبتمبر 2007م، الموافق 4 رمضان 1428 هـ، عن عمر يناهز 93 عامًا، في مستشفى ميلاد بطهران. وبعد التشييع المهيب لجنازنه وسط حشد كبير من الناس والمسؤولين في الجمهورية الإسلامية في مدينتي طهران وقم، دفن جثمان الفقيد أخيرًا في حرم السيد فاطمة معصومة (ع). وبمناسبة وفاة هذا العالم الشيعي البارز وردت رسائل تعزية منفصلة من الشخصيات والمؤسسات الشيعية السياسية والدينية، بما في ذلك مراجع التقليد كآية الله العظمى مكارم الشيرازي، وآية الله العظمى الخامنئي، وكذلك من المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)، والمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، وجامعة المدرسين في الحوزة العلمية.

جاء في جزء من رسالة التعزية الصادرة عن قائد الثوة الإسلامية آية الله الخامنئي بمناسبة وفاته ما يلي:

"إنَّ هذا العالم الجليل والمثابر أمضى عشرات السنين من عمره المبارك في التحقيق في الكلام والتاريخ والحديث، وإن نتاجه المبارك مؤلفات ومقالات حظيت بالترحيب والتمجيد في ربوع العالم الإسلامي، وحققت نجاحات قيمة في الترويج لمدرسة أهل البيت (عليهم السلام). رحمة الله على ذلك العالم الهميم والمثابر والدؤوب".

 

 

 

 

 

 

 

Ahl Al-Bayt World Assembly

The Ahl al-Bayt World Assembly  is an international non-governmental organization (INGO) that was established by a group of Shiite elites under the supervision of the great Islamic authority of the Shiites in 1990 to identify, organize, educate and support the followers of Ahl al-Bayt.

  • Tehran Iran
  • 88950827 (0098-21)
  • 88950882 (0098-21)

Contact Us

Issue
Email
The letter
4+6=? Captcha