الشيخ عبد الأمير الجمري

Thursday, 25 August 2022

الشيخ عبد الأمير الجمري (۱۹۳۷-۲۰۰۶م) عالم دين وخطيب شيعي من البحرين. بذل قصارى جهوده من أجل نشر وترويج معارف مدرسة أهل البيت (ع) في بلاده. ينتمي الشيخ الجمري إلى أسرة مرموقة ومتدينة في البحرين (بني جمرة)، وقد شد الرحال في شبابه لمواصلة دراسته في العلوم الدينية إلى النجف الأشرف، وتتملذ على كبار علمائها، وانتهل منهم علوم أهل البيت (ع)، ومن أبرز أساتذه آية الله السيد أبي القاسم الخوئي، وآية الله السيد محمد باقر الصدر، كما حصل على إجازة الاجتهاد، وكان أيضا وكيلا من قبل عدد من المراجع، منهم: السيد علي السيستاني، والسيد علي الخامنئي، والميرزا جواد التبريزي.

 وقد تحمل ما تحمل من العناء والأذى عند قيامه بمختلف المسؤوليات اتجاه مجتمعه والشيعة، حتى أن النظام الخليفي زجه هو وابنه في السجن. كان عضوا في البرلمان البحريني، كما عُيِّنَ قاضياً في المحكمة الكبرى الشرعية (الدائرة الجعفرية) لفترة من الزمن، وترك خدمات خالدة مثل تأسيس مدرسة علمية، ومؤلفات قيمة.

الشيخ عبد الأمير الجمري

دراسته العلمية

أما الدراسة العلمية فقد بدأها على يد الشيخ عبد الله بن محمد صالح آل صالح آل طعّان البحراني في سنة 1959هـ، توفي هذا الشيخ المبرور 25 صفر 1381هـ 1961م في شيراز. وكان هذا الشيخ هو السبب المباشر لانخراط الشيخ الجمري في السلك العلمي، حيث رغّبَه أشد الترغيب في ذلك.

وقد درس الشيخ عبد الأمير عنده بعض المقدمات في العربية والفقه والعقائد لمدة سنتين، وفي خلال هاتين السنتين حضر فتره قصيرة عند الشيخ باقر الشيخ أحمد العصفور، فقرأ عليه أوائل الجزء الأول من تتابع "جامع الدروس العربية " للشيخ مصطفى الغلاييني، كما قرأ كتاب الطهارة من " شرائع الإسلام " وأوائل " قطر الندى" حتى نواصب الفعل المضارع على السيد علوي السيد أحمد الغريفي.

في النجف الأشرف

شجع الشيخ عبد الله الآنف الذكر الشيخَ الجمري إلى الهجرة إلى النجف الأشرف، وبعد وفاته هاجر الشيخ عبد الأمير إلى النجف الأشرف لمواصلة دراسته وذلك في بداية ربيع الأول سنة 1382هـ 1961م.

قرأ الشيخ عبد الأمير الجمري في النجف الأشرف معظم السطوح على أساتذتها وعلمائها، وقد قرأ " قطر الندى" على "الشيخ عبد الله أبو مَرَة الإحسائي". والألفية " شرح ابن عقيل " على "الشيخ حسين الظالمي النجفي" و"السيد عبد الله العلي الإحسائي". و"معالم الدين في الأصول" على "الشيخ محسن الغرّاوي النجفي". و"شرائع الإسلام " ما عدا أوائلها فقد كان على أكثر من واحد من العلماء كالسيد حامد السويج البصري. وأوائل "شرح اللمعة " على "الشيخ محمد علي الخمايسي"، وما بقي منها مع " المكاسب " على السيد محيي الدين الغريفي النجفي". و"مختصر المعاني والبيان" على "الشيخ إبراهيم أبو خليل: من أهالي سوق الشيوخ و"الشيخ حسن طراد العاملي" و"الشيخ علي الجزائري". و"منطق المظفر" على "الشيخ عبد الرسول الكرمي". و"حاشية ملا عبد الله" في المنطق على "الشيخ صالح الصالحي". و"أصول المظفر" و"كفاية الأصول " وقسم من "الرسائل " على "السيد علاء الدين آل بحر العلوم". و"شرح الباب الحادي عشر" على "السيد حسين آل حسين آل بحر العلوم"، و"شرح التجريد " -ولم يكمله- على "السيد مسلم الحلي النجفي".

وفي البحث الخارج للأصول درس مدة سنتين أو أقل أبحاث السيد الخوئي، كما درس عند السيد محمد باقر الصدر في الفقه الاستدلالي على ضوء العروة الوثقى.

إجازاته ووكالاته: للشيخ عبد الأمير الجمري إجازة رواية من آية الله السيد علي الفاني الأصفهاني مؤرخةً في 25 شعبان 1391هـ، كما أنّه وكيل على قبض الحقوق الشرعية وغيرها من الأموال الشرعية وتولّي الأمور الحسبية من قِبَل عدد من الحجج والمراجع، وهم: السيد علي السيستاني، والسيد علي الخامنئي، والشيخ جواد التبريزي، والشيخ محمد فاضل اللنكراني، بالإضافة إلى أنّه كان وكيلاً من قِبَل عدد من المراجع الماضين، وهم: الشيخ محمد أمين زين الدين، والشيخ محمد علي الأراكي، والسيد محمد رضا الكلبايكاني، والشيخ الميرزا علي الغروي، والسيد حسين بحر العلوم.

أدبه: نشر للشيخ عبد الأمير عدد من المقالات الأدبية والدينية والقصائد في بعض الصحف والمجلات العراقية كالأضواء، والتضامن الإسلامي حينما كان في النجف الأشرف، وفي عدد من الصحف والمجلات البحرانية بعد عودته إلى البحرين، وقد ذكره صاحب كتاب "معجم الأدباء والكتاب العراقيين" ضمن هذه الموسوعة.

عضويته في البرلمان: بعد اثنتي عشرة سنة قضاها الشيخ الجمري في تحصيل العلم بجامعة النجف الأشرف، عاد إلى البحرين بعد استقلالها ووضع دستور الدولة من قبل المجلس التأسيسي، وكانت عودته بناءً على طلب مؤكّد من منطقته من أجل أن يرشِّحَ نفسه لعضوية المجلس الوطني. وحيث كان طلب المنطقة أكيداً فقد استفتى في الموافقة على الطلب كلاً من المرجعين الدينيين سماحة الشهيد السيد محمد باقر الصدروسماحة الشيخ محمد أمين زين الدين، فأفتاه الأول بوجوب الموافقة، والثاني بالجواز، وبناءً على ذلك رجع عائداً إلى البحرين بأهله وعياله، ولم يكن ذلك موافقاً لرغبته الحقيقية، إذ كان راغباً جداً في مواصلة الدراسة لعلَّه يحصل على شيء يعتد به من العلم.

وكيف كان فقد رجع ورشّح نفسه لعضوية المجلس الوطني مجتنباً ما يمارس في هذه الأمور من الدعاية وتوزيع الصور ووضع الملصقات التي تبيِّن أهداف المرشّح، وتدعو الناس إلى انتخابه.

وتم انتخابه عضواً في المجلس عن الدائرة الانتخابية السادسة عشرة مع سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم، وكان رصيدهما بالنسبة لأصوات الناخبين على مستوى عموم الدوائر الانتخابية أعلى الأرصدة، وكان لهما مع كتلتهما الإسلامية في المجلس الوجود الفاعل، والمواقف الواضحة والجريئة.

جمعية التوعية الإسلامية: تم اختيار الشيخ عبد الأمير الجمري نائباً للرئيس في جمعية التوعية الإسلامية في البحرين لمدة ست سنوات تقريباً حينما كان رئيسها سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم، وكان له فيها وجود فاعل ونشاط معروف.

الصدام مع الدولة

في يونيو 1988م تم عزل الشيخ عبد الأمير عن منصبه في القضاء، وفي أغسطس 1988م اعتقل زوج ابنته "النائب عبدالجليل خليل إبراهيم"، وفي سبتمبر 1988م اعتقل ابنه "النائب محمد جميل الجمري". وفي سبتمبر 1988م أيضا تم اعتقاله من منزله، إلا أن زوجته "أم جميل" خرجت إلى الأهالي وأخبرتهم باعتقاله، فخرجت مظاهرة عارمة آنذاك، فاضطرت الجهات الأمنية إلى الإفراج عنه، ولكنها أبقت على زوج ابنته وابنه والشباب الآخرين الذين اعتقلوا آنذاك؛ لأنهم كانوا يداومون على حضور مجلسه.

وعقب تحرير الكويت من الغزو العراقي 1991م، في هذه الفترة بدأ الجمري يتصدر الساحة السياسية الإسلامية "الاتجاه الشيعي" داخل البحرين، وقد اقتنع بضرورة تطوير أجندة العمل السياسي، وطرح فكرة العريضة النخبوية في الوسط الشيعي وتحالف مع الاتجاهات الأخرى.

ومع العام 1992م كان أول المتصدرين للعريضة النخبوية التي طالبت بتفعيل دستور 1973م وعودة الحياة البرلمانية وحل مشكلة البطالة ومعالجة الملفات الأمنية والسياسية الشائكة.

انفجرت الانتفاضة الشعبية نهاية العام 1994م، وبرزت شخصية الجمري بشكل أكبر، وقاد المظاهرات الشعبية المطالبة بالإصلاح.

في أبريل 1995م وُضع الجمري تحت الحصار لمدة أسبوعين، ثم نُقل إلى المعتقل، ثم أفرج عنه في 25 سبتمبر 1995 بعد اتفاق مع السلطات الأمنية لإعادة الهدوء مقابل مناقشة المطالب والسعي إلى تحقيقها.

وفي 21 يناير 1996م أعيد اعتقاله؛ ليشتد اضطراب الوضع الأمني والسياسي في البلاد. وُضع في الحجز الانفرادي لأكثر من تسعة شهور، ثم نقل إلى سجن مراقب.

قُدم للمحاكمة في 7 يوليو من العام 1999م دخل الجمري قاعة المحكمة محاطا برجال الأمن، ورفض جميع التهم الموجهة إليه، لكنه هتف بصوت عالٍ: "أطالب بالبرلمان وبالعدالة ومصلحة الشعب، وأنتم غدرتم بالشعب".

وصدر الحكم بحقه عشر سنوات "سجن وغرامة مالية قدرها 15 مليون دولار (5.7ملايين دينار)".

قضاؤه: بعد حلِّ المجلس الوطني بسنتين، وفي 23 محرم 1397هـ 1977م عُيِّنَ الشيخ عبد الأمير قاضياً في المحكمة الكبرى الشرعية – الدائرة الجعفرية – وذلك بعد طلب مؤكّد ومتكرّر من المسئولين في البلاد، وبعد أن أعلن موافقته على القضاء بناءً على إجازة كل من المرجعيين الدينيين السيد أبو القاسم الخوئي وسماحة الشيخ محمد أمين زين الدين وفي سنة 1408هـ 1988م عُزِلَ عن القضاء بسبب خلافات حصلت بينه وبين المسئولين في عدة أمور، وبسبب مؤاخذات حادّة من قِبَلِهم عليه على أساس مواقف إسلامية كانت له، وتصريحات من قِبَله تشجب عدة قضايا تُمارس في البلد، وذلك من منطلق النصيحة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبعد عزله اعتُقِل، واستُدعيَ للتحقيق عدة مرات، وأُلقيَ عليه أكثر من اتهام؛ إلا أنّه وبسبب اطمئنانه بصوابية مواقفه لم يتراجع، وواصل نشاطاته المختلفة وارتباطه الوثيق بعموم الناس.

في الإذاعة والتلفزيون: مارس الشيخ عبد الأمير الجمري منذ سنة 1973م حتى سنة 1981م تقديم الأحاديث الدينية في كل من إذاعة البحرين وتلفزيونها، إلا أنَّ التقديم في التلفزيون كان أحياناً. وكانت الأحاديث التي يقدّمها بمناسبة عاشوراء وشهر رمضان، ووفيات أهل البيت (ع) ومواليدهم، بالإضافة إلى أيام الجمعة، وقد كان ثمّةَ إقبال كبير على أحاديثه، وقد تلقّى عدداً من رسائل الشكر من البحرين وخارجها لا سيما من بلدان الخليج.

في الصحافة: حرّرَ الشيخ عبد الأمير ولمدة أربع سنوات وذلك في السبعينات: زاوية دينية في مجلة المواقف تحت اسم: "استفسارات دينية "، وكان على هذه الزاوية إقبال كبير من القرّاء.

مؤلفاته: للشيخ الجمري عدة مؤلفات إسلامية طبع منها: "من واجبات الإسلام "، و"من تعاليم الإسلام " طبع مرتين، إلا أنّه طبع في المرة الثانية تحت اسم: "تعاليم إسلامية، وقد أُضيفَ إليه في الطبعة الثانية بحوث أخرى، وهي عبارةً عن تلخيص لبعض محاضرات الشيخ الجمري، و"المرأة في ظلِّ الإسلام " طبع ثلاث مرات، و"مقدمة دعاء كميل" طبع مع دعاء كميل مرة واحدة، وديوان شعر اسمه "عصارة قلب" الجزء الأول، طبع مرة واحدة، و"من شموع العترة الطاهرة" كُتِبَ عن السيد محمد ابن الإمام علي الهادي (عليهما السلام )، طبع مرة واحدة، وهناك عدد من المؤلّفات لا زال مخطوطاً، منها كتاب سيطبع قريباً اسمه" الإسلام وشئون الإنسان"، وهو عبارة عن أجوبة على الأسئلة التي نشرت في مجلة المواقف في الزاوية المذكورة آنفاً، بالإضافة إلى أجوبة على أسئلة نشرت في صحف أخرى.

مع الحوزة: في سنة 1405هـ 1985م أسس الشيخ الجمري الحوزة العلمية المعروفة بــ "حوزة الإمام زين العابدين (ع)"، مكانها: جامع الإمام زين العابدين عليه السلام، الكائن في قرية بني جمرة قرب بيت الشيخ الجمري، وهي حوزة تضم إلى حدِّ الآن سبعين فرداً بين أستاذ وطالب، ويُدرِّس فيها علماء أكفاء، ولها نظام، ويطبّق فيها الامتحان وإعطاء الدرجات، ويُدرَّس فيها جميع الدروس الحوزوية، وإضافة إلى ذلك قُرّر في منهجها دروس إضافية وهي: التجويد، والفلسفة، وعلوم القرآن، وعلم الرجال، وثلاثة دروس تكميلية أسبوعية: الأخلاق، والتفسير، والسيرة.

خطه السياسي: خطه السياسي هو الخط الإسلامي الأصيل، ويتمثّل في كونه يعيش آلام وهموم الآخرين، ويسعى قدر جهده لإصلاح الفساد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويدعو إلى الوحدة الوطنية ونبد التفرقة ومحاربة الطائفية، وقد تجلّى موقفه الإسلامي في موقفه من الأزمة التي عصفت بالبلاد في التسعينات، والدور الريادي المميَّز له مع زملائه في العريضة النخبوية، والعريضة الشعبية، وما تحمّل مع زملائه الأطائب أصحاب المبادرة، هذه المبادرة التي تضمَّنت الطموحات التي يريدها الشعب وفي طليعتها البرلمان، وقد جاء في خطابه للجماهير التي قُدِّرَتْ بخمسين ألفاً والتي احتشدت لاستقباله يوم خروجه من السجن: "وإنني –أيها الشعب العظيم- لأعاهد الله عزّ وجل وأُعاهدكم بأنّي سأبقى وفياً لكم، وسأعيش هموم هذا الشعب وآلامه وآماله، وسأخدمه بكل ما لديّ من طاقات، علّي أتمكّن من أداء بعض الدين الكبير الذي لكم في عنقي"، إلاّ أنّ الحوار المأمول مع السلطة قد تعثّر رغم الثمار الواضحة لخطوات أصحاب المبادرة، وهكذا مع عودة التأزّم للوضع تم اعتقال الشيخ الجمري مرة أخرى؛ ليمضي ثلاث سنوات ونصف، وقد أمضى كثيراً من هذه المدة في سجن انفرادي.

شعره: بالنسبة لشعر الشيخ الجمري فقد نظم الشعر وهو في سنٍ مبكرةٍ، وذلك باللسانين: الشعبي، والفصيح، بدأ نظم الشعر الشعبي –في رثاء أهل البيت(ع)– ولمّا يُكمل العاشرة من عمره، وله ديوان شعر في هذا الباب اسمه "أنغام الولاء"، وهو لا يزال مخطوطاً. وبدأ نظم الفصيح ولمّا يُكمل الثامنة عشرة.

وقد نُشرت له عدة قصائد بالفصحى في بعض الصحف العراقية والبحرانية، كما ألقى كثيراً من قصائده في الاحتفالات الدينية في العراق وفي البحرين، وقد صدر له في هذا اللون من الشعر الجزء الأول من ديوانه: "عصارة قلب" المذكور آنفاً.

وفاته

أصيب الشيخ عبد الأمير الجمري بجلطة وأجريت له عملية في القلب في المستشفى العسكري، وذلك أثناء فترة الإقامة الجبرية، في شهر مايو من العام 2000 للميلاد.

بعد ذلك ازدادت الأمور تعقيدا، وتدهورت صحته وأرسل إلى ألمانيا في يونيو من العام 2002م، واكتشف أنه يعاني من جلطة في الرأس أمام العين منذ أن كان في السجن، أجريت له عملية في الظهر بألمانيا ليصاب بجلطة في موقع العملية وجلطتين في الدماغ، وبلغ عدد الجلطات التي أصيب بها أربع جلطات جميعها في الرأس.

وفي يناير 2003م نقل للعلاج في "مدينة الأمير سلطان بن عبد العزيز للخدمات الإنسانية" بالرياض، ثم عاد إلى البلد، وبعدها بأشهر تدهورت صحته، واستمر التدهور إلى أن توفي فجر يوم 18 ديسمبر 2006م.

 

Ahl Al-Bayt World Assembly

The Ahl al-Bayt World Assembly  is an international non-governmental organization (INGO) that was established by a group of Shiite elites under the supervision of the great Islamic authority of the Shiites in 1990 to identify, organize, educate and support the followers of Ahl al-Bayt.

  • Tehran Iran
  • 88950827 (0098-21)
  • 88950882 (0098-21)

Contact Us

Issue
Email
The letter
8-5=? Captcha