حياته
ولد الدمرداش بن زكي مرسي العقالى والمعروف بـ (الدمرداش العقالي) و(الدمرداش زكي) في قرية العقال، وهي إحدى القرى التابعة لمحافظة أسيوط في مصر. واصل دراسته الأكاديمية حتى تخرج عام 1954 م من كلية الحقوق بجامعة القاهرة. مارس المحاماة لفترة، ثم عُيّن قاضياً في وزارة العدل المصرية، كما يُعتبر من تلامذة حسن البنا (وفاة 1949م) مؤسس جماعة الإخوان المسلمين.
عاش الدمرداش في السعودية لفترة، وبعد عودته إلى مصر استقل من القضاء لأجل الاشتغال بالعمل السياسي، وانضم إلى حزب العمل المصري، ويقال أيضًا أنَّه كان عضوًا في الحزب الوطني المصريش.
زوجة الدمرداش زكي هي آمنة نصير، عضو في مجلس الشعب المصري، ونجله محمد الدمرداش، مستشار وزير الإعلام المصري آنذاك، ومدير نادي الزهور بالقاهرة.
توفي الدمرداش العقالي في 27 فبراير 2019 م، بعد فترة من معاناة المرض، ودفن في القاهرة في 1 مارس 2019 م. وبعث مرجع التقليد الشيعي آية الله لطف الله الصافي الكلبايكاني برقية تعزية في وفاته.
المسؤوليات
تولى الدمرداش العقالي مسؤوليات قضائية وسياسية مختلفة، بعضها على النحو التالي:
* مستشار بمحكمة استئناف القاهرة.
* عضو في مجلس النواب المصري (1987م)
* عضو في مجلس الشورى المصري (1986م)
* نائب رئيس حزب العمل المصري (1984م)
* مستشار لرئيس مصر آنذاك، حسني مبارك
* عُيّن حوالي عام 1975م. مستشاراً لوزارة الداخلية في السعودية، وواحد من مديريها من قبل القضاء المصري.
الانتقال إلى المذهب الشيعي
إنَّ الشرارة الأولى للدمرداش ليصبح شيعيا -كما قال هو بنفسه- حدثت في سن الخامسة والثلاثين من عمره، عندما كان قاضيا. بين عامي 1965 و1967 م وعندما أراد أن يحكم في دعوى قدمها رجل من أجل الطلاق، واجه بعض الإشكالات في فقه أبي حنيفة، فذهب إلى أبي زهرة، وكان استاذاً له في كلية الحقوق، ليستشيره حول هذا الإشكال، فأجابه أبو زهرة: "لو كان الأمر بيدي ما جاوزت في القضاء والفتيا مذهب الإمام الصادق (عليه السلام)". فكانت هذه الشرارة الأولى التي دفعت الدمرداش زكي إلى الاهتمام بالشيعة وقراءة كتبهم. فكان أول كتاب يطالعه من المصادر الشيعية (المختصر النافع في فقه الإمامية) من تأليف المحقق الحلي. بعد ذلك، ووفق فتوى محمود شلتوت بجواز العمل بفقه الشيعة الاثني عشرية، بدأ العمل وفق الفقه الشيعي.
وبعد مراجعة تفاسير أهل السنة، وصل الدمرداش إلى أن القرآن؛ وبسبب وجود الآيات المحكمة والمتشابهة، يحتاج إلى مفسّر خالٍ من الجهل، ومعصوم من الذنب، وبدون مثل هذا الشخص سينحرف المسلمون في فهم القرآن.
بعد تعيين الدمرداش مستشاراً لوزارة الداخلية في السعودية من قبل القضاء المصري، تم تعيينه عضواً ضمن لجنة مهمّتها الإطلاع على بعض الكتب التي يتم مصادرتها من وفد الحجاج الإيرانيين. حيث كُلفت هذه اللجنة بمراجعة الكتب التي تؤخذ من الحجاج الإيرانيين وإصدار حكم بمصادرتها فيما لو كانت من كتب الضلال. فصادف ذات يوم بعد تكوين هذه اللجنة أن تم ضبط كمية كبيرة من الكتب من وفد الحجاج الايرانيين، وتم مصادرتها، فجاء رئيس اللجنة إلى الدمرداش وطلب منه أن يوقّع على وجوب مصادرة تلك الكتب من دون أن يطلع على أي شيء منها، فرفض الدمرداش ذلك، وأمهله وكيل وزارة الداخلية السعودية شهرين لمطالعة ومراجعة تلك الكتب. وقرأ الدمرداش الكتب خلال هذين الشهرين. وقال عن هذه المدة: "فوجدت نفسي عند كل سطر اقرأه من هذه الكتب يولد في أعماقي انسان جديد".
ثم لجأ الدمرداش زكي إلى المطالعة والبحث الجاد من أجل تحديد مصيره العقائدي، وبالتدريج اكتسب الرؤية الواضحة، وأصبح على يقين أنَّ المذهب الشيعي هو الحق، فترك مذهب أهل السنة واختار اتباع مذهب أهل البيت (عليهم السلام).
الأنشطة
قام الدمرداش العقالى بتأسيس عدة منظمات شيعية في مصر. وكان الدمرداش محبوباً ومؤثراً بين شيعة مصر ولُقّب بـ "الأب الروحي للشيعة في مصر"، بالإضافة إلى مصر، تمت دعوته لإلقاء المحاضرات في حسينيات عدّة دول مثل: الكويت، والبحرين، كما سافر إلى إيران ثلاث مرات.
حاول الدمرداش زكي تأسيس "حزب التحرير المصري" مع عدد من قيادات الشيعة المصريين، ولكن رفضت المحكمة المصرية تأسيس الحزب.
المؤلفات
الدمرداش العقالي لديه مقالات وكتب متنوعة، منها:
* "دعائم المنهج الإسلامي": حسب قول المؤلف إنَّ هذا الكتاب يسعى في بيان الطريقة الموصلة إلى معرفة النفس وصولاً إلى معرفة الله تعالى، وبناء عليه حصر بحوث الكتاب في فصلين هما: المعرفة والعبودية.
* "محاضرات عقائدية": هذا الكتاب عبارة عن مجموعة من المحاضرات التي ألقاها المؤلف أثناء زيارته إلى إيران عام 1421 هـ، وهي مرتبة في خمسة أجزاء:
1ـ "الرحلة إلى الثقلين": يذكر فيها نبذة عن حياته، واعتناقه لمذهب أهل البيت (عليهم السلام)، وبيان علو شأنهم، وأنهم أحد الثقلين الذي يفسر الثقل الآخر.
2ـ "الإمامة في القرآن": استدلال رائع ومتسلسل بآيات من القرآن الكريم في إثبات إمامة أهل البيت (عليهم السلام) وأجاب في نهاية المحاضرة على استفسارات وأسئلة الحاضرين.
3ـ "الإمام الحسين (عليه السلام) في سفر الشهداء": محاضرة مطولة حول تاريخ الأنبياء (عليهم السلام)، وقارن خروج الإمام الحسين (عليه السلام) من المدينة بخروج موسى خائفاً مترقباً من مصر.
4ـ "انتخاب الطريق من الظلمات إلى النور": فيه تفاصيل عن كيفية انتقاله إلى مذهب أهل البيت (عليهم السلام).
5 ـ "من هم الشيعة": تعرض فيه إلى أمور متعددة، منها تفسيره لبعض آيات القرآن الكريم، وعرض لسيرة النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) وكيفية انتقال الهداية الإلهية بعد خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله) إلى الإمام علي وأولاده (عليهم السلام).
الوفاة
توفي هذا المستبصر المجاهد بعد معاناة من مرض لفترة من الزمن في 27 فبراير عام 2019م، ودفن في القاهرة، وأصدر آية الله لطف الله الكلبايكاني، والمجمع العالمي لأهل البيت (ع) بياني تعزية بمناسبة رحيله.