الدكتور يحيى كريستيان بونو

Sunday, 28 August 2022

الدكتور يحيى كريستيان بونو (Yahia Christian Bonaud) (وفاة 2019 م)، والمعروف باسم يحيى علوي أو يحيى بونو، عالم إسلامي، وأستاذ في جامعة المصطفى العالمية في قم، وعضوًا فرنسيًا في الجمعية العامة للمجمع العالمي لأهل البيت (ع).
كان الدكتور بونو في بادئ الأمر من أتباع الديانة المسيحية، ولكن بعد من البحث والتحقيق، أعلن إسلامه واختار المذهب الشيعي الحق، ثم بذل نهاية جهده في طريق معرفة وترويج تعاليم هذا الدين السماوي. وفي هذا الصدد شرع بترجمة القرآن الكريم ومصنفات أخرى، بما في ذلك الوصية الإلهية والسياسية للإمام الخميني (ره)، ـ مؤسس النظام المقدس في الجمهورية الإسلامية الإيرانية ـ إلى اللغة الفرنسية، وبالتالي تعريف الناطقين بالفرنسية بتعاليم الإسلام، وكذلك الافكار والعلوم العميقة للزعيم العظيم للثورة الإسلامية الإيرانية.
كان الراحل بونو من أصل فرنسي، وفي نهاية عمره استقر في مدينة مشهد المقدسة بالقرب من مرقد الإمام الرضا (ع).

الدكتور يحيى كريستيان بونو

حياته

ولد يحيى بونو عام 1957 م، في مدينة فرايبورغ الألمانية في عائلة فرنسية مسيحية كاثوليكية، وعاش في ألمانيا والجزائر إلى سن العاشرة من عمره لأجل عمل أبيه، وبما أنه من أصل فرنسي ذهب إلى ستراسبورج بفرنسا.

وفقا لما نقل عنه كان لديه رغبة في التعرف على الديانات الشرقية، لذلك طالع المصادر المختصة في هذا المجال، وقام بالعديد من الرحلات إلى إسبانيا، والمغرب، وإيطاليا، وبلجيكا، وهولندا، وألمانيا... إلخ، وهاجر إلى إيران عام 1991م، واستقر بالقرب من مرقد الإمام علي بن موسى الرضا (ع) (الإمام الثامن للشيعة) في مدينة مشهد المقدسة. شغف بونو بجوار مرقد الإمام علي بن موسى الرضا (ع) لدرجة أنه استقر في مشهد لمدة 15 عامًا. واختار زوجة إيرانية، ومكث في إيران حتى نهاية حياته.

التشرف بالإسلام

درس الكتاب المقدس في شبابه، وبالتالي انجذب إلى المسيحية، ولكن لم تستطع المسيحية إقناعه، فتوجه إلى الديانات الشرقية، مثل الهندوسية، والبوذية، ودرس مصادر هذه الأديان.

وفي سن 22 تعرف على أعمال رينيه غانون، ولقد جذبت مطالعة أعمال هذا الفيلسوف الفرنسي الشهير كريستيان وخاصة في موضوع العرفان المقارن، حيث حصل من هذا الطريق على الكثير من الإجابات العقلية التي كانت غامضة عنده. وبعد مدة وتحت تأثير أعمال غانون اعتنق الإسلام في عام 1979 م.

 

يقول الدكتور يحيى بونو في مقابلة عن حياته الدينية والفكرية:

"قبل أن أصبح مسلما، لم أكن حتى مسيحياً حقيقياً، مثل الأوروبيين العاديين الذين هم في الغالب غير متدينين، وفي الواقع لدينا عنوان المسيحية ولكن ليس لدينا حقيقتها، وليس لدينا حتى تصور مناسب عنها، منذ أن كنت في المدرسة وفي مرحلة الثانوية لم أكن سعيدًا بالحياة اليومية. حيث نعمل كل يوم من أجل الحياة المادية".

التشرف بالمذهب الشيعي

يقول الدكتور بونو: "إن كتابي الإمام الخميني (مصباح الهداية إلى الخلافة الولاية، وشرح دعاء السحر) كان لهما أثر كبير عليّ ... وشيئًا فشيئًا أدركت أن الأديان المختلفة ليس لها أصالة، وهناك دين واحد فقط له أصالة وهو الإسلام الشيعي، وأن الأديان الأخرى قد نشأة من هذا الدين. فالدين واحد؛ لأن الله واحد، وهدفه الوحيد هو أن تصبح إنسانًا".

التقى في عام 1981م، بأحمد حمباته، وهو عارف أفريقي وأحد رؤساء السلسلة التيجانية؛ وبسبب تأثره بإرشاداته اختار المذهب الشيعي. ومنذ ذلك الحين غيّر اسمه إلى يحيى العلوي.

يقول الدكتور بونو: "بعد أن اعتنقت الإسلام لم أكن أعرف الفرق بين الشيعة والسنة حتى أنني كنت أظن أن الثورة الإيرانية ثورة إسلامية وليست ثورة شيعية. في السنة الأولى من إسلامي، أصبحت شيعيًا وفقًا لما قرأته لهنري كوربن. طبعا... أن تصبح شيعيا ليس مهما، لأنه يمكن أن يحدث لأي سبب سطحي، مثل عن طريق شعور أو حدث أو من خلال الوالدين و...؛ لكنني أعتقد أن القضية المهمة هي أن نبقى الشيعة، فهذه هي رؤية حب ثابتة".

الدراسة

بعد اعتناق الإسلام، واصل الدكتور يحيى بونو دراسته في الجامعة في فرع العربية وآدابها والدراسات الإسلامية، حيث تعرف على مؤلفات هنري كوربن الفيلسوف والعالم الإسلام الشيعي الذي بذل جهدًا كبيرًا لتعريف العقائد والعرفان الشيعي إلى الغرب. وفي الواقع، تبلور اهتمامه بإيران والتشيع في هذه السنوات.

أكمل يحيى العلوي في عام 1982 م مرحلة الدبلوم في المعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية. وفي نفس العام بدأ دورة البكالوريوس ثم الماجستير في جامعة السوربون. وفي عام 1984 م، دافع عن أطروحته التي اختصت بكتاب جواهر المعاني للشيخ أحمد التيجاني.

حصل بونو عام 1987 م على شهادة بروفيسور اغرجه (عنوان للشهادة خاصة) وبدأ بتدريس اللغة العربية. وبعد ذلك بعامين بدأ دورة الدكتوراه في جامعة السوربون، وفي عام 1995 م، ناقش أطروحته لنيل الدكتوراه بعنوان "الإلهيات في الآثار الفلسفية والعرفانية للإمام الخميني". في هذه الجامعة، وفي عام 1999م، انتخبت أطروحته للدكتوراه الخاصة به كأفضل بحث في تلك السنة حول إيران.

قدم بونو إلى إيران من أجل كتابة أطروحته في عام 1991م، وحضر في مشهد ولمدة سبع سنوات دروس السيد جلال الدين الآشتياني في الفلسفة والعرفان الإسلامي، كما أنهى دورة ما بعد الدكتوراه في جامعة السوربون في مجال "الحكمة المتعالية للملا صدرا، ردٌّ على توقعات صدر الدين القونوي".

المؤلفات

للدكتور يحيى بونو الكثير من المؤلفات حول موضوع العرفان الإسلامي وترجم بعض المؤلفات الفارسية إلى فرنسا، فمن أعماله:

* ترجمة القرآن الكريم وتفسيره باللغة الفرنسية: وقد نشرت مؤسسة ترجمان الوحي الثقافية في قم عام 2000 م، هذه الترجمة. ومن سمات هذه الترجمة أنها ترجمة واضحة وسلسة، مع شرح مختصر مرفق بقاموس ألفاظ القرآن. أنجز المجلد الأول من هذه الترجمة بمساعدة مع الدكتور جواد حديدي، حيث يحتوي على سورة الحمد والبقرة.

* التصوف والعرفان الإسلامي باللغة الفرنسية

* الإمام الخميني العارف غير الشهير في القرن العشرين، بالفرنسية

* ترجمة مختارة من أعمال وأقوال الإمام الخميني فيما يقارب 700 صفحة بالفرنسية

* الوصية الإلهية السياسية للإمام الخميني بالفرنسية

* ترجمة كتاب الدين والفكر في فخ الاستبداد باللغة الفرنسية

* ترجمة جهاد النفس أو الجهاد الأكبر، للإمام الخميني باللغة الفرنسية

وفاته

سافر الدكتور بونو من أجل التبليغ إلى ساحل العاج في محرم عام 2019 م، وفي يوم الأثنين 26 أغسطس من نفس العام، غرق في حادث بحري في ساحل العاج ليودّع الحياة الفانية إلى الباقية. ورغم الجهود المبذولة لإعادة جثمان هذا الفيلسوف الشهير إلى إيران، إلا أن ذلك لم يكن ممكناً ودفن في مدينة أبيدجان في ساحل العاج، بجوار قبر المرحوم أحمد حمباته.

وأصدرت شخصيات ومؤسسات، مثل رئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني في وقتها، وجامعة المصطفى العالمية، والمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام) برقيات التعزية بوفاته.

وقد ورد في رسالة التعزية التي بعثها آية الله رمضاني الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (ع):

"لقد وجد الفقيد ضالته في اتّباع مدرسة أهل البيت(ع)، كما تحمل سنوات طويلة من المتاعب في التحقيق والتحصيل لكسب معارف هذه المدرسة المشرقة، وقد فتح حب المرحوم يحيى بونو تجاه مصلح العصر سماحة الإمام الخميني (ره) منافذ جديدة من الأنوار العرفانية؛ حيث استبدل الجهاد الأكبر والأصغر بالخمود والرهبانية، والقيام لله بالرضوخ للظلم والتقوقع".

التكريم

تم ترشيح الدكتور بونو في عام 2001 م، من قبل وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي ليكون "خادمًا مختارًا للقرآن الكريم"، وذلك لترجمة القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية.

وقد أقيمت له عدة مراسيم لتكريم شخصيته في حياته وبعد وفاته في طهران، وقم، وباريس... وغيرها. وتم أشيد بمقامه العلمي وعائلته في الحفل التكريمي الذي أقامه المجمع العالمي لأهل البيت (ع) في فبراير 2020 م، وأزيح الستار عن كتاب حول سيرته الذاتية للنجفي الكرمانشاهي بعنوان "حيٌ باسم علي".

 

Ahl Al-Bayt World Assembly

The Ahl al-Bayt World Assembly  is an international non-governmental organization (INGO) that was established by a group of Shiite elites under the supervision of the great Islamic authority of the Shiites in 1990 to identify, organize, educate and support the followers of Ahl al-Bayt.

  • Tehran Iran
  • 88950827 (0098-21)
  • 88950882 (0098-21)

Contact Us

Issue
Email
The letter
8-5=? Captcha