الدكتور مير أبو القاسم سوما

الوجوه الخالدة

Friday, 26 August 2022

الدكتور مير أبو القاسم سوما (1928 – 2012م) عضو أفغاني في الجمعية العامة للمجمع العالمي لأهل البيت(ع)، وقضى حياته في سبيل استقلال أفغانستان، ومكافحة النظام الشيوعي الذي كان يحكم هذا البلد المسلم، وإقامة القيم الإسلامية فيها، وفي هذا السبيل تحمّل عناء السجن بكل وجوده بمدة أربعة عشر عاماً.

كان الراحل سوما يعرف في الأوساط السياسية خارج أفغانستان كشخصية مرموقة، وقدّم خدمات مختلفة للمهاجرين الأفغان، منها إنشاء المركز الثقافي الإسلامي الأفغاني في هامبورغ بألمانيا، والذي يعدّ حاليا من أكبر المساجد الأفغانية في أوروبا. وكان مير أبو القاسم سوما يتعاون مع المجمع العالمي لأهل البيت(ع).

 

ولد ميرأبوالقاسم سوما في عام 1928 في اوساط عائلة دينية في منطقة مرادخانه بالعاصمة كابول. كان والده مير محمد حسن آقا، وقد اهتم سوما منذ صغره بالقضايا الاجتماعية، وهذا الاهتمام قد دفعه إلى أن يلقى نظرة دقيقة في بيئته. في تلك السنوات التي لم يكن فيها عامة الشعب على معرفة تامة بالوضع السياسي والاجتماعي كان سوما مستثنى عن هذه القضية، وكان يتحدث مع فئات من عمره عن القضايا السياسية، وينتقد الأوضاع المتأزمة وانعدام العدالة والتمييز. وعندما بلغ من العمر ثمانية عشر عامًا أدت هذه الأفكار إلى سجنه، لكن سوما لم يهدأ في السجن أيضا، حيث تعرف على ساسة آخرين، مثل آية الله الشهيد محمد سرور واعظ، والعلامة الشهيد السيد إسماعيل البلخي، والأستاذ مير علي أصغر شعاع.

وفي الفترة التي سبقت الانقلاب الشيوعي، كان ميرأبوالقاسم من أنصار المجاهدين والشعب الأفغاني المسلم أثناء فترة الجهاد وداعمًا جادًا لجبهة المقاومة بعد انتصار المجاهدين على الحكومة الشيوعية في مايو 1992م. كان هذا العضو الأفغاني في الجمعية العامة لجمع اهل البيت (ع) قد عانى منذ صغر سنه لفترة ما يقرب من أربعة عشر عامًا في سجن ظاهر خان آخر ملوك أفغانستان في منطقة دهمزنغ بالعاصمة كابول، وبعد إطلاق سراحه من السجن واصل النضال والجهاد.

الهجرة إلى ألمانيا

هاجر المرحوم إلى ألمانيا في عام 1970م، وواصل دراسته في فرع الاقتصاد وفي عام 1978م تخرج من الجامعة، وقد تزامنت نهاية تعليمه مع الحكم الشيوعي ومن ثم احتلال أفغانستان؛ مما تسبب إلى أن يتحول إلى شخصية بارزة في الأوساط السياسية في خارج أفغانستان، ومن بين نشاطاته قام بإنشاء المركز الثقافي الإسلامي الأفغاني، ودعوة المجاهدين وإقامة علاقات بين قادة المقاومة، ودعوة الجرحى إلى ألمانيا للعلاج، وعقد إدارة الندوات السياسية.

في عام 1991م أقام ملتقى سياسي كبير شارك فيه أكثر من 500 شخصية سياسية وجهادية وثقافية أفغانية من أنحاء العالم، وقام توجيه وتنظيم مسيرات ومظاهرات مختلفة منها مسيرة يوم القدس العالمي. كان مقر الدكتور سوما في ألمانيا إلاّ أنّ جميع الذين كانوا يعرفونه يشهدون بأنه لم يهدئ للحظة واحدة، وكان دائمًا يسعى إلى السير في مسار تحقيق الأهداف الإسلامية وتقديم المساعدة المادية والروحية للجبهات الجهادية بأي طريقة ممكنة، كما أنشأ مركزا للتعامل مع مختلف قضايا المهاجرين.

الدكتور ميرأبوالقاسم سوما لم يكن منذ البداية شخصية حزبية، وانتفض خلال النضال ضد اضطهاد الملكية في أفغانستان، إلاّ أنّه تزامنا مع بلوغ ذروة الجهاد في أفغانستان تعاون في البداية بشكل مكثف مع حزب الحركة الإسلامية بقيادة آية الله محسني، ثم بذل جهودًا كبيرة لحزب الوحدة الإسلامية لتحقيق تطلعات الاقتدار الوطني الشيعي. أسس الدكتور سوما في عام 1990م المركز الثقافي الإسلامي الأفغاني، المعروف حاليا باسم مسجد بلال في هامبورغ وأحد أكبر المساجد الأفغانية في أوروبا وفي البداية بدء نشاطاته تحت عنوان مكتب حزب الوحدة الإسلامية الأفغاني.

وفاته

توفي الدكتور سوما، في يوم الجمعة الموافق 8 ديسمبر 2012م، عن عمر يناهز 84 عامًا، في مقر إقامته بألمانيا بعد حياة مضاها في الجهاد من أجل استقلال أفغانستان، وتم نقل جثمانه إلى أفغانستان، ودفن في مسقط رأسه بعد تشييع من قبل جمع غفير من محبيه، وبعث العديد من الشخصيات السياسية والدينية في برقيات منفصلة أعربوا فيها عن تعازيهم وتعاطفهم مع الطائفة الشيعية في أفغانستان.

وجاء في جانب من رسالة التعزية التي بعثها حجة الإسلام والمسلمين، السيد محمد هادي هادي (بهسودي)، أحد الناشطين الشيعة في أفغانستان: "إنّ المرحوم سوما كان مناضلا بحيث لم تنعم عائلته وأقاربه بخيره فحسب، بل انتفع أيضا الجيران والمواطنين والعديد من الشعب الأفغاني بخيره وبره".

وقد أقيمت له مراسم عزاء وتكريم مهيبين في مسجد بلال أو المركز الثقافي الأفغاني في هامبورغ، حيث شارك فيها العديد من أصدقائه من بريطانيا والدنمارك والسويد والنمسا وهولندا ومختلف المدن الألمانية بما في ذلك برلين وفرانكفورت وهانوفر وبوخوم وإيسن وغوتينغن.

 وكان آية الله رمضاني إمام ومدير المركز الإسلامي في هامبورغ آنذاك، وحجة الإسلام والمسلمين مشكور الكابلي إمام المسجد الأفغاني في فرانكفورت من بين الحاضرين في هذه المراسم.

Tags

• الجمعية العامة للمجمع العالمي لأهل البيت (ع)