الدكتور سمير سليمان

الوجوه الخالدة

Sunday, 28 August 2022

الدكتور سمير سليمان (1944-2012م)، أستاذ بارز في جامعة لبنان. كرّس حياته لشرح وترويج الحضارة الإسلامية في العالم الإسلامي، ولعب دوراً هاماً في ترويج وتفسير الأفكار السامية لمخطط الثورة الإسلامية والسيد الإمام الخميني (ره)، حيث توسع نشاطه وتأثيره الفكري إلى ما وراء الحدود اللبنانية، مستفيدًا من تاريخ الحضارة الإسلامية في الأندلس، وتجربة رحلته الأوروبية إلى فرنسا، كان يعتقد أن المجتمعات الإسلامية ينبغي أن تسعى جاهدة لتقديم الثقافة الإسلامية إلى المجتمعات الأخرى.

سيرته الذاتية والدراسة

ولد سمير سليمان في 13 نوفمبر عام 1944م، في مدينة حاصبيّا في جنوب لبنان. بدأ دراسته في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة لبنان، وفي عام 1968م، نال شهادة البكالوريوس في اللغة العربية وآدابها من هذه الجامعة، اهتم منذ دراسته بالقضايا الثقافية والحضارة للمجتمعات البشرية على ثلاث طرق التقييم، والدراسة، والتحليل. واستنتج من الاحتجاجات والحركة الطلابية التي حدثت في فرنسا عام 1968م، أنّ الجامعات في الدول الإسلامية بحاجة إلى مناهج دراسية جديدة، وبأساليب جديدة ومبتكرة، لتلبية الاحتياجات الفكرية للطلاب.

ووفقًا لهذا الاعتقاد، ذهب سليمان إلى فرنسا، وأكمل دراسته العليا في جامعة السوربون بباريس عند الفلاسفة والمفكرين الفرنسيين، وبدافع كبير سعى لمعرفة أسباب وجود التيارات والأزمات الاجتماعية في العصر الحاضر، ثم شرع بتطبيق دراساته وأبحاثه في هذا المجال على الثقافة الإسلامية، من أجل الوقوف على الأزمات المعاصرة للمجتمعات الإسلامية.

حصل سمير سليمان على شهادة دراسات متقدمة في مجال العلوم الاجتماعية في الحضارة الإسلامية، عام 1977م، كما أنهى مقطع الدكتوراه في هذا المجال، ودافع عن أطروحة الدكتوراه عام 1980م.

وبعد هذه المرحلة كرّس الدكتور سليمان كل اهتمامه على الحضارة الإسلامية، واتبع هذا الطريق حصرياً، مستفيدًا من تاريخ الحضارة الإسلامي في الأندلس، وتجربة رحلته الأوروبية إلى فرنسا، أدرك أن حضارتهم وتصوراتهم تنتمي إلى المسلمين، وأن المجتمعات الإسلامية ينبغي أن تسعى جاهدة لتقديم الثقافة الإسلامية إلى المجتمعات الأخرى، على شكل مناظرات علمية وتاريخية.

وقد أكد أن العلاقة بين الغرب والإسلام تعتمد على تعريف ومعرفة جديدة. عاد إلى لبنان وبدأ بتدريس العلوم الاجتماعية في الحضارة الإسلامية في جامعات بيروت، مشددا على الحضارة الأندلسية. وشرع بتدريس "النصوص التطبيقية" لطلاب الجامعة الأمريكية في بيروت، في مقطع الدكتوراه.

هذا النهج والجدية للدكتور سليمان في مباحث الحضارة الإسلامية، جعله أستاذاً ناجحاً وباحثاً بارزاً بين الأساتذة والطلبة، وأدى إلى تزايد شعبيته، ولم تنتفع لبنان من علمه فحسب، بل انتفعت إيران ودول الخليج الفارسي، وأوروبا أيضا، من ثمار علمه أثناء حضوره في تلك الدول ومشاركته في الدورات والمؤتمرات العلمية التي تنعقد فيها.

مسؤولياته

بالإضافة إلى أنشطته العلمية، كان للدكتور سمير سليمان عدة مسؤوليات، وهي كالتالي:

* رئيس قسم الدراسات في مركز الدراسات الإستراتيجية والبحوث والتوثيق في بيروت (1993م)

* عضو الهيئة العلمية في مركز الدراسات الإستراتيجية والبحوث والتوثيق في بيروت (1994م)

* عضو الهيئة العلمية في المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق في بيروت (1996م)

* مدير مركز العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية (2000م)

* رئاسة مركز العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية (2003م)

* إدارة مركز دراسات المشرق العربي في بيروت (2007م)

* أستاذ الدراسات العليا في الجامعة الإسلامية بلندن (2003 - 2004م)

* رئيس تحرير مجلة ((Le Debat باللغة الفرنسية، وقد بدأ الدكتور سليمان بنشر المجلة في خريف 2009م، في البلدان الإسلامية، حيث تسعى إلى التقريب بين المذاهب الإسلامية، بهدف التعاون الثقافي بين مختلف المجتمعات الإسلامية.

سفره إلى إيران

سافر الدكتور سليمان إلى إيران عدة مرات، وشارك في المؤتمر الدولي للوحدة الإسلامية، وقمة الصحوة الإسلامية في طهران، وألقى كلمات ومحاضرات تحدث فيها عن آرائه ونظراته. كان مهتمًا بالثورة الإسلامية وعلماء الدين في جمهورية إيران الإسلامية، وكان عضوًا في المجمع العالمي لأهل البيت (ع)، والمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية.

مؤلفاته

ترك رحم الله العديد من الأعمال بين كتاب ومقالة وموسوعة، ومنها ما يلي:

* موسوعة تاريخ العلاقات بين العالم الإسلامي والغرب

* مسلمو العالم والغرب: جيوبولتيك الاحتقان

* الإمام الخميني والمشروع الحضاري الإسلامي قراءة في خطاب الصراع والاستنهاض

* خطاب الكلمة في القرآن

* الصراع الحضاري والعلاقات الدولية

* صدام الحضارات: نصوص نقدية في المنهج والمضمون

* المشروع الحضاري، اشكاليات النظرية والمراحل بين البشري والإلهي

* اشكاليات الصراع الدولي بين أصالة المشروع الحضاري الإلهي والعقل الغربي

وفاته

توفي الدكتور سمير سليمان، وودع الحياة الفانية إلى الباقية، بعد عمر من التحقيق والبحث، في 21 يوليو سنة 2012م، وبعث المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية برسالة تعزية في وفاة هذا المفكر المسلم العظيم للعالم الإسلامي، الذي قدم خدمات قيمة للإسلام والأمة الإسلامية، وكرّس حياته بإخلاص لنشر كلمة الحق والوحدة الإسلامية.

وقد ورد في جزء من الرسالة التي أصدرها الاتحاد الدولي للأمة الواحدة بمناسبة وفاة الدكتور سمير سليمان ما يلي:

"كان من الأساتذة الذين يدينون بصحوتهم للإمام الخميني، ومن أجل شرح فكر الإمام للعالم الإسلامي كتب كتابين "الإمام الخميني والمشروع الحضاري الإسلامي"، و"حرب الحضارات والعلاقات الدولية"، وقد كرس حياته لنشر هذا الفكر، وكانت من صفاته البارزة القوة العلمية، والعقل المنفتح والواضح، والروح الأخلاقية، وعدم الكلل، وقد وفّق "الاتحاد الدولي للأمة الواحدة" منذ التأسيس الاستفادة من وجود هذا الأستاذ الجليل. ونظرا إلى نفسيته وميوله إلى الشباب، وتعاطفه الوثيق معهم حافظ على هذا التواصل والعلاقة بينه وبينهم حتى وفاته، وانتفع هذا الاتحاد من آرائه وإرشاداته. إن رحيل هذا الرجل العظيم هو بالتأكيد ثلمة لا يسدها شيء، ونأمل أن يتمكن شباب الأمة الإسلامية من مواصلة طريق هذا الرجل العظيم".

ما كتب حوله

يعد كتاب "التعاون الثقافي بين المسلمين" من الكتب التي ألف حوله، وهو من تأليف الدكتور علي بن مبارك الأستاذ في إحدى الجامعات التونسية. صدر هذا الكتاب في 1000 نسخة، و99 صفحة عن دار جسور للنشر عام 2012م، يلقي هذا الكتاب نظرة على جهود المرحوم الدكتور سمير سليمان في مجال التقريب والحوار بين المذاهب الإسلامية، في ستة فصول مع عناوين المقدمة، الدكتور سمير سليمان من وجهة نظر زكي ميلاد، تونس وثورتها من وجهة نظر الدكتور سمير سليمان، العلاقة بين العالم الإسلامي والغرب من وجهة نظر الدكتور سمير سليمان، مؤسسات التقريب بين المذاهب من منظور الدكتور سمير، حوار الدكتور سمير سليمان مع الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية.

Tags

• الجمعية العامة للمجمع العالمي لأهل البيت (ع)