آية الله الشهيد السيد محمد باقر الحكيم

Thursday, 25 August 2022

آية الله الشهيد السيد محمد باقر الحكيم (1939 – 2003م) من العلماء المجاهدين الشيعة، ومن مؤسسي المجلس الأعلى للثورة الإسلامية، وحزب الدعوة في العراق. تحمل ما تحمل من عناء السجن والابتعاد عن الوطن في سبيل استقلال العراق، وقد حارب ضد النظام البعثي الظالم، وأخيرا استشهد في هذا السبيل.

لعب هذا العالم الشهيد دورا فاعلا في تنظيم المناضلات والاحتجاجات الشعبية ضد النظام البعثي في العراق، حتى كان يحضر بين المتظاهرين ضد النظام؛ ليرفع من معنوياتهم إلا أنّ مناضلاته السياسية لم تمنعه من المجاهدات العلمية والثقافية، حيث أصبح في هذه المجالات أيضا يضيء كالشمس، وترك تراثا خالدا من تأليف الكتب، وتأسيس المراكز العلمية.

كان يرى هذا العالم المجاهد أن الحكومة هي منصب إلهي، وأفضل أشكالها هي الجمهورية الإسلامية التي يشرف عليها فقيه عادل.

آية الله الشهيد السيد محمد باقر الحكيم

 

حياته

الشهيد السيد محمد باقر الحكيم هو الابن الخامس لآية الله السيد محسن الحكيم، ولد في مدينة النجف في 13 تموز عام 1939م، واستشهد سنة 2003م، إثر انفجار سيارة مفخخة.

الدراسة

بدأ السيد محمد باقر الحكيم تعليمه في كتاتيب النجف الأشرف، ثم دخل في مرحلة الدراسة الابتدائية في مدرسة "منتدى النشر" الابتدائية، ثم التحق بالحوزة العلمية عندما كان في الثانية عشرة من عمره، حيث أكمل المقدمات الحوزوية في فترة قصيرة من الزمن، ومن ثم التحق بدروس السطح العالي، فدرس في هذه الدورة كتاب الرسائل، والمكاسب، وكفاية الأصول، وبعدما أكمل دروس السطح العالي حضر درس خارج الفقه والأصول لدى كبار المجتهدين وأساتذة الحوزة العلمية في النجف، من أمثال آية الله الخوئي، والسيد محمد باقر الصدر، والشيخ مرتضى آل ياسين، والسيد يوسف الحكيم.

أثارت عبقريته العلمية، وقوته الفكرية، وموهبته الاستثنائية، ثناء وتقدير كبار العلماء وأساتذة الحوزة العلمية، وفي عام 1384 هـ، حصل على إجازة في الاجتهاد في الفقه والأصول وعلوم القرآن.

إلى جانب ذلك، تميز بفكر ومنطق عميق وشامل، فهو يطرح القضايا، ويناقشها بدقة، ويغوص في أعماق الدليل في تدريسه للسطوح العالية في مسجد الهندي بالنجف الاشرف، فكان يحضر عنده المثقفين والنخبة في الحوزة.

لم يكتفِ الشهيد الحكيم بعلوم الحوزة المعروفة، بل امتد كرسي تدريسه من حوزة النجف إلى كلية أصول الدين في بغداد، حيث قام بتأسيسها مع الشهيد الصدر، والعلامة السيد مرتضى العسكري، والسيد مهدي حكيم.

كانت العلوم القرآنية وتعاليم أهل البيت (عليهم السلام) والفلسفة والتحليل السياسي والتاريخي للأحداث ومتابعة تحولات العصر، من بين مواضيع جلساته الأكاديمية في هذه الجامعة، وخلال 25 عامًا من التدريس في حوزة النجف وجامعة بغداد، فتح الشهيد الحكيم مساحة جديدة في الحوزة والجامعة، وقدم علماء ومفكرين بارزين في عالم العلم والدين.

السيد محمد باقر الحكيم، وبالإضافة إلى تثقيف الطلاب وكتابة مؤلفات دينية واجتماعية وسياسية مفيدة، شعر أنه هناك حاجة في العصر الحديث إلى مبلغين مطلعين ويقظين قد أتقنوا العلوم الحديثة؛ لذلك قام بتأسيس مدرسة العلوم الإسلامية في النجف الأشرف سنة 1384هـ.

مؤلفاته

على الرغم من أن الشهيد السيد محمد باقر الحكيم كان يعتبر من الشخصيات اللامعة الشيعية في عالم السياسة، إلا أن نشاطه الثقافي والعلمي ظل مجهولاً إلى حد ما، وتظهر مؤلفاته لتدل على شخصيته العلمية والعملية المتميزة في مجال علوم القرآن، وأهل البيت (عليهم السلام)، والقانون، وسيرة رجال الدين، والحكومة الإسلامية، والأفكار السياسية والثقافية والاجتماعية.

وبعض مؤلفاته البحثية عبارة عن:

  • الحكم الإسلامي بين النظرية والتطبيق
  • النظرية الإسلامية في التحرك السياسي
  • علوم القرآن
  • الوحدة الإسلامية من منظور الثقلين
  • الكفاح المسلح في الإسلام

أنشطته السياسية

كان السيد محمد باقر معتمدا عند والده، ويمثله في العديد من الأنشطة الإسلامية. وهو من مؤسسي حزب الدعوة الإسلامية في العراق عام 1957م، مع الشهيد السيد محمد باقر الصدر، وأخيه السيد محمد مهدي الحكيم، حيث كان يعمل تحت إشراف السيد محمد باقر الصدر في زمن مرجعيته.

خلال انتفاضة الشعب العراقي في صفر عام 1397 هـ، نزل السيد محمد باقر حكيم، كممثل عن السيد محمد باقر الصد بين زوار أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) لرفع معنوياتهم وتوجيههم نحو الأهداف الرئيسية.

كان السيد محمد باقر الحكيم في طريقه من النجف إلى كربلاء يشجع الناس، ويخبرهم أنه سيبقى معهم حتى النهاية.

بعد قمع الانتفاضة، تم اعتقال آلاف الأشخاص، من جملتهم السيد محمد باقر الحكيم، وحكم عليه بالسجن المؤبد، ولكن بعد مرور بعض الوقت تم إطلاق سراحه من السجن عام 1978م؛ وذلك بموجب عفو عام من قبل أحمد حسن البكر.

الهجرة إلى إيران

بعد تزايد الضغوط عليه، واستحالة استمرار نشاطه السياسي سافر السيد محمد باقر الحكيم مؤسس فيلق بدر، إلى جانب أبو مهدي المهندس، أحد القادة العراقيين لهذا التنظيم، سراً إلى دمشق سنة 1980م، ثم هاجر إلى إيران عن طريق تركيا.

في إيران عمل في مجال الشؤون السياسية والثقافية، وتولى مسؤوليات متعددة أهمها: الأمين العام "لجماعة العلماء المجاهدين في العراق" التي تأسست عام 1980م، وكان الناطق الرسمي للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، في 17 نوفمبر عام 1982م، وأصبح منذ 1986م رئيساً للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، وقد شارك في تأسيس المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية وتولى رئاسته، ونائب رئيس المجلس الأعلى لمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام).

بالإضافة إلى ذلك، أنشأ تنظيمًا عسكريًا تابعًا للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية يُدعى "فيلق بدر"، والذي كان يضم حوالي 3000 جندي، جميعهم من المهاجرين العراقيين في إيران. قاتل هذا الجيش ضد القوات العراقية في الحرب العراقية الإيرانية.

مع بداية انتفاضة الشعب العراقي ضد النظام البعثي في ​​شعبان عام 1411 هـ، الموافق مارس 1991م، دخل فيلق بدر العراق لدعم الانتفاضة، لكن الحكومة العراقية قمعت الانتفاضة، ولم يتمكن الفيلق أن يفعل شيئا. لعب أنصار السيد محمد باقر الحكيم دورًا مهمًا في انتفاضة شعبان.

أفكاره

بعض الأفكار السياسية للشهيد سيد محمد باقر الحكيم عبارة عن:

  • الحكومة الإلهية: اعتبر الشهيد الحكيم أن الدولة والحكومة هما في الأساس منصب إلهي، ولذلك اعتقد أن الحكومة المطلوبة هي التي يجب أن تراعي التعاليم الإلهية.
  • الجمهورية الإسلامية: يعتقد محمد باقر الحكيم أن الشعب يجب أن يكون حرًا في اختيار نوع الحكومة، ولا يجوز تقييد هذه الحرية أو إنكارها لأي سبب من الأسباب. ولقد رجح نوع حكومة الجمهورية الإسلامية على أنواع الحكومات الأخرى، وكان يعتقد أنه ينبغي أن يحكمها فقيه عادل واسع الاطلاع، ودور الشعب في هذا النوع من الحكومات هو معرفة الولي الفقيه وطاعته، وكذلك التواصل معه من خلال النواب. وكان يؤمن بالتعددية السياسية مع الاعتراف بالحكومة الإسلامية، والالتزام بالقوانين القائمة، وتجنب تهديد الأمن الاجتماعي، ولم ير في التعددية السياسية مشكلة للمجتمع الإسلامي.
  • تخصص المرجعية: طرح محمد باقر الحكيم عام 1999م، نظرية تخصص المرجع الديني. في رأيه، وبسبب التطورات السياسية في العالم الإسلامي، والقمع السياسي، والمسؤوليات الجسيمة للمراجع، يجب أن تتجه المرجعية الدينية نحو التخصص، وبناءً عليه، على بعض المراجع فقط إصدار الفتاوى والأمور المتعلقة بها، والبعض الآخر يركز فقط على الشؤون السياسية والاجتماعية. ينبغي أن يتوسع هذا التخصص بشكل تدريجي، حتى يشمل قضايا أخرى.

وفاته

رجع السيد محمد باقر الحكيم إلى العراق في 11 مايو سنة 2003م، بعد الغزو الأمريكي للعراق والإطاحة بالنظام البعثي سنة 2003م، واستقر في النجف، إلا أنه في 28 سبتمبر 2003م، استشهد في انفجار سيارة مفخخة أثناء خروجه بعد إتمامه لإمامة صلاة الجمعة في باب الصحن العلوي الشريف.

 

تأبينه

عُرف الشهيد السيد محمد باقر الحكيم بـ "شهيد المحراب"، بعد استشهاده في اليوم الأول من شهر رجب، حيث أُطلق على هذا اليوم في العراق بيوم الشهيد، وفي كل عام وفي هذا اليوم تُقام مراسم إحياء ذكرى استشهاد شهيد المحراب في العراق. وبمناسبة استشهاد آية الله السيد محمد باقر الحكيم وعدد من المصلين، أعلن قائد الثورة الإسلامية السيد الخامنئي الحداد العام في إيران لمدة ثلاثة أيام.

 

 

برقية تعزية من قائد الثورة الإسلامية السيد على الخامنئي

عقب استشهاد السيد محمد باقر الحكيم بعث قائد الثورة الإسلامية في إيران سماحة آية الله العظمى السيد الخامنئي برقية تعزية في 28 سبتمبر 2003م. حيث جاء في نص البرقية ما يلي:

بسم‎‎ الله‎ الرحمن‎ الرحـيـم

إنا لله‎‎ وإنا إليه راجعون

قـامـت‎ الأيادي الآثمـة‎‎ والعميلة للاستكبار العالمي‎ بفاجعـة‎‎‎‎ عظيمـة وخطفت‎ شخصية فذّه من‎ الشـعـب‎ العراقي‎ كانت‎ تُشكّل‎ حصناً منيعاً أمام قوات الاحتلال‎ وهدت كيانه‎.

لقد استشهد اليوم‎ آية‎‎ الله السيـد محـمـد باقر الحكيم‎‎ إلى جوار الحرم الطاهر لمولى الموحدين‎‎ والمتقين عليه‎‎ آلاف‎ الـتحـيـة والسلام‎‎ الإمام علي‎ (ع) ومعه‎ العشـرات‎ مـن‎ الرجال‎ والنساء المؤمنين‎‎‎ الذين نهلوا مـن معين‎ ذكر وخشوع صـلاة الجمعة‎، وانتـقلـوا إلـى‎ جوار رحمة‎‎ ربهم‎ ليستقروا في‎ حرمه الآمـن‎ ويستمدوا من‎ فيضه‎.

إن‎‎ هذا الشهيد العزيز كان عالماً مجـاهـداً قضي‎‎ معظم‎ حياته‎‎ في النضال‎ لنجـاة الشـعـب‎ العراقي‎ من‎ نير نظام‎‎ البعث الآثم. وبعد انهيار رمز الشر والفساد، تـحـوّل‎ إلى‎ حصن‎ منيع‎ وعقبـة‎ كـأداء أمـام‎ قـوات‎ الاحتلال‎ الأنجلو أمريكي‎ وبدأ نضالاً مـريـراً وصعباً ضد مخططاتهم‎ المشؤومة،‎‎ ونـذر نفـسـه للاستشهاد في‎ سبيل‎ الله،‎‎ والالتحاق‎ بقافلـة الشهداء من‎ آل ‎الحكيم‎‎ وسائر شهداء العلـم والفضيلة‎‎ في‎ العراق‎.

لا شـك‎ أن‎ فـاجـعـة النجف‎‎ الأشرف واستشهاد هذا السيد الجلـيـل‎ والعالم‎ المجـاهـد جـاءت‎ خـدمـة‎ للأهداف الأمريكية والصهيونية الغادرة.

لقد جسَّـد الشهيد آية الله الحكيم‎ - بحق‎ - تـطلعـات‎ الشعب‎ العراقي‎ الحقة‎‎ الذي‎‎ كان‎ يري دينه واستقلاله‎‎‎ ومستقبل‎ بلاده عرضه للتهديـدات‎ ووطأة‎‎ الاحتلال‎‎ وهو يحاول الدفاع عن‎ هويتـه الدينية‎‎ والوطنية أمام‎ المـحتـليـن‎‎. إن استشهاد هذا السيد الجليل‎ يُعد مصيبة‎ عظمى‎ على‎‎‎ الشعب‎ العراقي ودليلاً آخر على إجـرام‎ الاحتلال‎ الذي‎ أشاع الفـوضـى‎ والاضـطرابـات‎ بفرض‎ حضوره‎ اللامشروع في‎ هذا البلد، لكـن‎ على‎‎‎ أعداء العراق‎ المسلـم‎ والـرامـي إلـى الاستقلال‎ أن‎‎ يعلموا بأن هذا الاستشهاد سـوف‎ لن‎ يؤثر علي‎‎ عزم‎ ومقاومة‎ الشعب‎ العراقـي في‎ مواجهة‎‎ المخططات‎ والأهداف‎ الاستكبـاريـة والصهيونية‎ وتمسكهم‎ بـالإيمـان‎ والـولاء للإسلام‎ والقيادة‎‎ الدينية بل‎ علـي‎ الـعكـس‎ سيودي‎ إلى‎‎ تعزيزها إن‎ شاء الله. وعلـى الشعب‎ العراقي‎ المؤمن‎‎ والغيور أن يـعلـم‎ أن‎ السبيل‎ الوحيد لشموخه‎‎‎ ورفعتـه ونجـاة بلاده‎‎ مـن‎ شـر الـمخـططات‎ الإستـكبـاريـة والصهيونية المشؤومة يكمن‎ في‎ اتحاده تحـت‎ راية‎‎ الإسلام الظافرة. إن‎ الشعب‎ العـراقـي‎ يستطيع‎ اليوم‎ من‎ خلال‎‎ تمسكه‎ بالحبل الإلهـي‎ المتين‎ رسم‎ مستقبلـه‎‎ ومـستـقبـل‎ أجيـالـه القادمة، ذلك‎ المستقبل‎ الذي‎ يتلألأ فيـه العراق‎ الإسلامي‎‎ والمستقل‎ كنجمة‎‎ وضائة فـي سماء الإسلام‎. وعلـى‎ العـلمـاء والـنخـب‎ الدينية‎‎‎ والسياسية العراقية أداء واجبهم‎ ومسؤولياتهم‎ الـجسـيمـة‎‎ فـي‎ هـذه الـظروف‎ الحساسة‎‎ والاستثنائية مـن‎ خـلال‎ تـمسـكهـم‎ بالإسلام وتعزيز وحدتهم، وآمل‎ بأن‎ يخـطوا في‎‎‎ هذا السبيل‎ بخطي ثابتة‎.

إنني هنا أقدم‎ أحرّ التعازي‎ بهذه‎‎‎ المناسبة الأليمة إلـى‎ بقيه‎‎ الله الأعظم صاحب‎ الأمر والزمان‎ روحـي‎ فداه‎ وإلى‎‎‎ الشعبين‎ العراقي والإيراني والحوزة العلمية ومراجع‎ الدين‎ والعلماء الأعلام في‎‎ النجـف‎ وقـم والمـجلـس‎ الأعلى للثورة‎‎ الإسلامية في‎ العراق‎ وأخص‎ بالتعازي‎ السلالة المعظمة لآل‎ الحكيم‎ والـسيـد عبـد العزيز الحكيـم‎ وأسـرة‎ شـهيـد الـمحـراب‎ وأبنائه‎ المكرمين‎. كما أسال‎ الباري‎ عز وجل‎‎ أن‎‎ يمنَّ علـى‎ عـوائل سـائر شهـداء هـذه‎ الفاجعة‎‎ الأليمة بالصبـر الجـميـل‎ والأجـر الجزيل‎ والرفعة‎ لهؤلاء الشهداء المظلومين‎ وأسال‎‎ الباري‎ تعالى‎ أن‎ يتفضل بالـشفـاء العاجل‎ لجرحى هـذا الحـادث. وبهـذه‎ المناسبة‎‎‎ أعلن‎ الحداد لمـدة ثـلاثـة أيـام‎ تكريماً لذكري‎ هذا السيد الشهيد وأصحـابـه‎ المجاهدين‎.

 

Ahl Al-Bayt World Assembly

The Ahl al-Bayt World Assembly  is an international non-governmental organization (INGO) that was established by a group of Shiite elites under the supervision of the great Islamic authority of the Shiites in 1990 to identify, organize, educate and support the followers of Ahl al-Bayt.

  • Tehran Iran
  • 88950827 (0098-21)
  • 88950882 (0098-21)

Contact Us

Issue
Email
The letter
4+6=? Captcha