آية الله الحاج الشيخ مير حسين صادقي برواني

الوجوه الخالدة

Sunday, 28 August 2022

آية الله الحاج الشيخ مير حسين صادقي برواني (1933- 2017 م) من علماء الشيعة المجاهدين في أفغانستان. كرس حياته لاستقلال هذا البلد ونشر القيم الدينية فيه. كان ممثل عن ولي أمر المسلمين آية الله الخامنئي في شؤون أفغانستان. وكان المرحوم برواني كذلك عضو الجمعية العامة للمجمع العالمي لأهل البيت (ع)، وبهذه الطريقة قدم خدمات لأتباع مدرسة أهل البيت (ع) في العالم.
كان هذا العالم البارز من أفغانستان أحد قادة حزب الوحدة الإسلامية في أفغانستان، ومؤسس منظمة نصر في هذا البلد، وأيضًا عضوًا في مجلس الشيوخ الأفغاني لفترة من الزمن، قام بالعديد من الأنشطة الثقافية والاجتماعية والسياسية، مثل بناء مسجد ومدرسة وتوحيد الأحزاب الشيعية.
لم تمنع أبداً أنشطة آية الله برواني السياسية والاجتماعية الواسعة من قيامه بممارسة الأنشطة العلمية والبحثية، لدرجة أنه ترك وراءه أعمالًا قيمة بالإضافة إلى التدريس.

حياته ودراسته

وُلِد مير حسين صادقي تركماني، والمعروف باسم صادقي برواني، عام 1933 م في "وادي التركمان" بإقليم باروان في أفغانستان، وإلى جانب الزراعة، حضر دروس المقدمات والأدبيات العربية في مسقط رأسه عند الشيخ غلام محمد والسيد عوض علي، ومن ثم ذهب إلى كابول لمواصلة دراسته، ومن ثم ذهب إلى النجف عام 1956 م، وفي حوزة النجف العلمية حضر دروس السطوح عند مسلم ملكوتي، وكاظم التبريزي، وأسد الله مدني. وحضر البحث الخارج في الفقه والأصول عند آية الله السيد أبو القاسم الخوئي، وآية الله محمد باقر الصدر، ومن ثم عاد إلى إقليم باروان عام 1965 م.

ذهب آية الله برواني إلى إيران مع انتصار الثورة الإسلامية، وعاد إلى أفغانستان عام 1980 م، وبعد سقوط كابول ووصول طالبان إلى السلطة، هاجر إلى قم عام 1997 م، وبقي فيها خمس سنوات.

طالع آية الله صادقي برواني في النجف -كما قال هو بنفسه- مؤلفات وفكر جملة من العلماء، مثل الميرزا النائيني، ومحمود شلتوت، ومحمد عبده، وجعفر كاشف الغطاء، وعبد الرحمن الكواكبي، والسيد علي المودودي، وكذلك مؤلفات دار التقريب (مصر) والإخوان المسلمين، وتعرّف على الإسلام السياسي ونظرية إحياء الحكومة الإسلامية. ومن ناحية أخرى، كان لديه تواصل مع رجال الدين الثوريين الإيرانيين الذين كانوا يترددون دائماً على النجف، مثل: آية الله حسين علي منتظري، ومرتضى مطهري، والسيد محمود طالقاني، ومصطفى الخميني، مما أدى إلى إضفاء الطابع المؤسسي على فكرة الحركة الإسلامية فيه.

 

الأنشطة العلمية والثقافية

لآية الله برواني أنشطة علمية وثقافية منها:

* تدريس العلوم الحوزية والتواصل مع الشباب: بدأ صادقي في كابول بتدريس الأدب العربي، والمنطق، والفقه والأصول للطلاب الشباب، كما بدأ بتدريس التفسير والفلسفة، وهو عمل جديد في كابول، ورحب به الطلاب الشباب والشيعة، حيث في هذا الوقت بدأت الجماعات اليسارية والموالية للسوفيت أنشطتها وتجنيد أعضاء أو مؤيدين من بين العمال الشباب، والجنود والطلاب.

* تأسيس مسجد الإمام الصادق (ع): أسس آية الله برواني مسجد الإمام الصادق (ع) في منطقة جنداول بمدينة كابول في أوائل عام 1971 م، وحوله إلى مكان لتجمع الشباب الشيعة والسنة.

* تأسيس المدارس الدينية: أسس آية الله برواني عدة مدارس للعلوم الدينية في وادي التركمان بإقليم باروان وبهسود وولاية وردك ودعمها مادياً ومعنوياً.

 

الأنشطة السياسية

كان لآية الله صادقي برواني العديد من الأنشطة السياسية، كما أنه يعتبر من مؤسسي النضالات السياسية في الخمسينيات، وتعد العضوية في مجلس الشيوخ الأفغاني لدورتين، وإنشاء منظمة نصر في أفغانستان، وإيجاد الوحدة بين الأحزاب الشيعية الأفغانية، والتعاون مع حركة أمل في لبنان، من أنشطته العلمية والثقافية. وكان له أيضا أنشطة سياسية أخرى منها:

* تأسيس جماعة علماء الدين الجدد (الحزب الحسيني): أسس برواني جماعة علماء الدين الجدد عام 1972 م، في كابول، وذلك إلى جانب أنشطته التدريسية والتبليغية، وبالتعاون مع الطلاب والأشخاص يشتركون معه في الفكرة نفسها، وقد قامت هذه المجموعة التي غيرت اسمها بعد فترة إلى (الحزب الحسيني) بنشاطات سياسية واجتماعية منسقة، وأعلنت عن وجودها باسم (منظمة نصر) بعد الانقلاب الماركسي وبداية الثورة الإسلامية.

* التواصل مع النشطاء السياسيين الشيعة في دول أخرى: سافر صادقي برواني عام 1975 م، إلى العراق وسوريا ولبنان وإيران والمملكة العربية السعودية، وفي العراق التقى مع الإمام الخميني (ره)، وآية الله السيد محمد باقر الصدر، وأعطاه الإمام الخميني الوكالة عن نفسه. كما تعرف صادقي على الطلاب النشطين من أبناء وطنه المقيمين في النجف وإيران، مثل: عبد العلي مزاري، وقربان علي عرفاني، ويوسف واعظي، والسيد حسين حسيني، وجعفري وناطقي وشجعهم على أن يكونوا أكثر نشاطًا هناك، أو العودة والتعاون معاً في كابول.

وفي لبنان التقى بالإمام موسى الصدر، وآية الله محمد صادقي الطهراني، وجلال الدين فارسي وثوار شيعة آخرين، الأمر الذي أدى إلى تبادل المعلومات والخبرات حول أفغانستان ولبنان وإيران. طلب برواني من جلال الدين فارسي ممثل الإمام الخميني (ره)، التواصل مع الحركات الإسلامية والمسؤول عن القسم العسكري في حركة أمل في لبنان، للتعاون معه من أجل التدريب العسكري للشباب الأفغاني في لبنان، وبعد عودته إلى أفغانستان أرسل عدد من الطلاب والمتطوعين إلى لبنان.

* إصدار مجلة: أصدر الحزب الحسيني مجلة باسمه عام 1976 م، ثم غير عنوانها إلى "فلق". أثار نشر هذه المجلة قلق محمد داود رئيس الحكومة الأفغانية، حيث وصفها بـ "الحركة المغولية". وبعث برسالة لعلماء بارزين في كابول، من أجل الوقوف بوجه نشاط هذه الجماعة، وخاصة زعيمها مير حسين صادقي.

* عدم التعاون مع الحزب الديمقراطي الشعبي: لم يتعاون آية الله برواني مع الحزب الديمقراطي الشعبي الأفغاني الذي وصل إلى السلطة عام 1978 م، وحصل نور محمد تركي رئيس هذا الحزب على التأييد لحكومته من خلال تهديد وإكراه العديد من علماء الشيعة والسنة البارزين، ولكن رفض آية الله صادقي برواني، والسيد أحمد علم ذلك.

* تأسيس منظمة نصر الأفغانية: ذهب آية الله برواني إلى إيران بالتزامن مع انتصار الثورة الإسلامية فيها، وأسس منظمة نصر عام 1979 م، بمساندة مجموعات مختلفة من رجال الدين الناشطين، وتمكن صادقي هناك من التحدث إلى وسائل الإعلام والتعبير عن موقف وسياسة جماعة نصر. حيث تؤمن منظمة نصر الأفغانية بالاستقلال الوطني، وسلامة الأراضي، وحقوق القوميات وحرية التعبير.

عاد إلى أفغانستان عام 1980 م، مع الكادر الرئيسي للمنظمة، وأسس "قاعدة التوحيد" في باروان، والتي سميت فيما بعد بقاعدة الشهيد مرتضى.

* إيجاد الوحدة بين الأحزاب في أفغانستان: اشتبكت مجموعتان "الحزب الإسلامي لقلب الدين حكمتيار" و"جمعية برهان الدين رباني" في عام 1984 م، في وادي غوربند بإقليم باروان، وبتدخل من آية الله صادقي برواني توصلا إلى وقف إطلاق النار والصلح، وباقتراح منه تم تأسيس مجلس تنسيق الأحزاب الجهادية الشيعية والسنية في إقليم باروان.

في أعقاب الصراعات الشديدة بين الأحزاب الشيعية، قرر آية الله برواني بدء الحوار وإيجاد الصلح بينهما في خريف عام 1986 م، وأدت جهوده ومسؤولي الحزبين المتنافسين منظمة نصر وحرس الجهاد الإسلامي، إلى وقف دائم لإطلاق النار بينهما عام 1987 م. تسببت هذه القضية في انضمام مجموعات أصغر إلى اتفاقية الصلح، وفي نهاية المطاف صوتت جميع الأحزاب الجهادية في صيف عام 1989 م، باستثناء الحركة الإسلامية بقيادة آية الله محمد آصف محسني،على حل جميع الأحزاب، وتأسيس "حزب الوحدة الإسلامي".

* المشاركة في النظام السياسي بعد طالبان: لعب برواني دورًا فعالا بعد مؤتمر بن (ديسمبر 2001 م)، كنائب لرئيس الإدارة الانتقالية، لنقل السلطة من حكومة المجاهدين إلى حامد كرزاي رئيس الإدارة الانتقالية، وكان أيضًا عضوًا في الجمعية الوطنية في عام 2002 م، والاجتماع العام لصياغة الدستور في عام 2003 م.

* العضوية في مجلس الشيوخ الأفغاني: شارك في الجولة الأولى من انتخابات مجلس النواب عام 2005 م، عن مدينة كابول، ولكنه لم يحصل على أصوات كافية. ومنذ الولاية الثانية لرئاسة حامد كرزاي (2009- 2014 م)، وحتى نهاية حياته، كان عضوا في مجلس الشيوخ الأفغاني لدورتين.

 

ممثل قائد الثورة الإسلامية الإيرانية في أفغانستان

التقى آية الله صادقي بقائد الثورة الإسلامية الإيرانية آية الله السيد علي الخامنئي عام 1991 م، وناقشوا وتبادلوا الآراء حول الوضع في العالم الإسلامي خاصة أفغانستان. ثم عين آية الله الخامنئي آية الله صادقي ممثلًا مفوضًا عنه في شؤون أفغانستان، وخلال هذه الرحلة أصبح أيضًا عضوًا في الجمعية العامة للمجمع العالمي لأهل البيت (ع).

المؤلفات

لآية الله مير حسين صادقي برواني مؤلفات، منها:

* المرأة في الإسلام

* تفسير القرآن

* دروس من القرآن

* تفسير سورة الفلق

* تفسير أربعة قل

* ذكريات (مجلدان)

* الخطب المعنوية

* تقريرات درس الفقه

* تقريرات درس الأصول

* تقريرات درس الفلسفة

 

الوفاة

توفي آية الله صادقي برواني يوم الأربعاء 1 مارس 2017 م، عن عمر يناهز 83 عامًا، بسبب المرض، في أحد مستشفيات مدينة كابول.

وأقيمت مراسم تشييع جنازته ودفنه في 4 مارس وبحضور عدد كبير من الناس والطلاب والعلماء، وكذلك المسؤولين الحكوميين، مثل: نائب رئيس الجمهورية في وقتها، وزعيم حزب الوحدة الإسلامي الأفغاني، وعدد من أعضاء مجلس الوزراء، وممثلي الشعب في المجلس الوطني، ودفن جثمانه في باحة مسجد قباء في بلدة أوميد سبز غرب كابول.

 

Tags

• الجمعية العامة للمجمع العالمي لأهل البيت (ع)