آية الله الحاج الشيخ محمد آصف المحسني القندهاري

Thursday, 25 August 2022

آية الله الحاج الشيخ محمد آصف المحسني القندهاري (1935- 2019م)، أحد مراجع التقليد، ومن العلماء المجاهدين في أفغانستان، بذل جهودا كبيرة لأجل استقلال البلاد، وإقامة القيم الإسلامية فيها، ونتيجة لجهوده تمّ الاعتراف بالمذهب الشيعي في أفغانستان. كان رئيس مجلس علماء الشيعة في أفغانستان، وبالإضافة إلى النضال السياسي والنشاط الاجتماعي، فقد ترك العديد من الخدمات القيمة، مثل إنشاء العديد من المراكز الدينية، والثقافية، والبحثية، والإعلامية في أفغانستان، ومنها تأسيس حوزة خاتم النبيين العلمية في كابل، كما كان عضوًا في الهيئة العليا للمجمع العالمي لأهل البيت(ع)، واهتم بوحدة المسلمين، والتقريب بين المذاهب الإسلامية، والتي تتجاوز دائرة نفوذه وتأثيره حدود أفغانستان.

وإلى جانب نشاطاته الدؤوبه في المجالات السياسية والتبليغية والاجتماعية، فقد ترك هذا المرجع الديني العديد من الآثار العلمية، يبلغ عددها الستين.

آية الله الحاج الشيخ محمد آصف المحسني القندهاري

حياته

ولد الشيخ محمد آصف المحسني ابن محمد ميرزا في 26 أبريل عام 1935م في قندهار إحدى مدن أفغانستان. بدأ دراسته الابتدائية في الكتاتيب، وتابع دراسته وتعلم القراءة والكتابة على يد والده وهو في العاشرة من عمره. سافر في الرابعة عشر من عمره عام 1949م مع عائلته إلى باكستان، وتعلم اللغة الأردية في مدينة كويتا، وبعد عودته من باكستان بدأ يعمل لفترة في شركة الكهرباء، وفي عام 1951م عمل في غرفة التجارة بقندهار. تزوج في عام 1961م من بنت عمته، وأنجب منها ثلاثة أبناء، وهم عبد الله، وحفيظ، وحبيب، وقد توفّيت زوجته الأولى وابنه الأكبر في حياته.

دراسته الحوزوية

بدأ آية الله المحسني دراسة مقدمات العلوم الدينية في حوزة قندهار ومنطقة جاغوري بإقليم غزنة، وهاجر الى العراق في 3 يوليو 1953م، واستقر في النجف الأشرف بالقرب من مرقد الإمام أمير المؤمنين علي (ع) وفي أقل من ثلاث سنوات أكمل دارسته العليا في العلوم الدينية، وبناء على ما ذكره، لم يرتح لأيام العطلة في الحوزة العلمية، وكان مشغولا بالدرس في أيام العطل.

وقد درس في حوزة النجف العلمية عند جملة من الأساتذة، من أمثال: الشيخ محمد علي المدرس الافغاني، والشيخ مجتبى اللنكراني، والشيخ صدر الدين البادكوبي، والسيد محمد كاظم اليزدي. وحضر آية الله المحسني ولمدة تسع سنوات في درس البحث الخارج في الفقه والأصول، عند جملة من كبار العلماء، من أمثال: آية الله السيد محسن الحكيم، وآية الله السيد أبو القاسم الخوئي، والشيخ حسين الحلي، وآية الله السيد عبد الأعلى السبزواري.

كان الفقيد مهتماً بالفلسفة والكلام، وكتب تعليقة على كتاب الباب الحادي عشر. وكان من زملائه في المباحثة العلمية الآيات العظام، مثل: الشيخ قربان علي المحقق الكابولي، وإسماعيل المحقق، وموسى عالمي البامياني.

ويقول آية الله المحسني عن ولاية الفقيه: "ولاية الفقيه ليست من مختصات المذهب الجعفري، ففي جميع المذاهب الإسلامية هناك صلاحيات ثابتة للحاكم؛ فالفارق الوحيد هو في المصطلحات أو في سعة وضيق صلاحيات الحاكم، فهذا الأمر ليس من مختصات الدين الإسلامي، فجميع الأمم والدول تجعل هناك صلاحيات لزعماء بلادها، وهذا الأمر عقلائي".

الأنشطة الدينية

كان لآية الله محمد آصف المحسني أدوار فعالة متعددة في أفغانستان، ومنها:

رئيس مجلس علماء الشيعة في أفغانستان

ترأس آية الله المحسني مجلس علماء الشيعة في أفغانستان، ففي عام 2003م تم عقد أول تجمع كبير لعلماء الشيعة الأفغان في كابول، وبعد ثلاثة أيام من المفاوضات، تمت الموافقة على تأسيس مجلس علماء الشيعة في أفغانستان، حيث إن لهذا المجلس 65 مكتبا في مختلف أنحاء أفغانستان، ويضم أكثر من 2000 عضو.

السعي من أجل الاعتراف بالمذهب الشيعي بشكل رسمي في أفغانستان

تمّ الاعتراف بالمذهب الشيعي لأول مرة في دستور الجمهورية الإسلامية الأفغانية الذي تمت الموافقة عليه في 4 يناير سنة 2004م، وكان آية الله المحسني من بين الذين عملوا بجد وبذلوا قصارى جهدهم في هذا الخصوص.

إنشاء مؤسسة خاتم النبّين للتعليم والثقافة

إنشاء مؤسسة خاتم النبيين للدراسات العليا في كابول، في مساحة 40 ألف متر مربع، وهي أحد المراكز التي بناها وأشرف عليها آية الله المحسني، تم الانتهاء منها عام 2008م، وهي تحتوي على حوزة علمية، وجامعة، ومكتبة، ومسجد.

إطلاق قناة التمدن

في عام 2008م قام آية الله المحسني بتأسيس قناة التمدن (التعریب: الحضارة)، التي تبثّ الأخبار والتقارير والبرامج الدينية، وهي خلاف القنوات الأخرى في أفغانستان، فلم تبث الموسيقى.


 

تدوين قانون الأحوال الشخصية للشيعة

قدّم الشيخ محمد آصف المحسني، في عام 2009م، مشروع قانون بعنوان الأحوال الشخصية للشيعة في أفغانستان إلى حكومة حامد كرزاي، والذي تمت الموافقة عليه بناء على المادة 131 من دستور أفغانستان.

المدافع عن التقريب بين المذاهب الإسلامية

يعدّ آية الله المحسني من الشخصيات المعروفة في مجال التقريب بين المذاهب الإسلامية، حيث قام بتأسيس مجلس الأخوة الإسلامية في أفغانستان، وتأليف ونشر كتاب "تقريب مذاهب از نظر تا عمل" باللغة الفارسية (التعريب: التقريب بين المذاهب، من القول إلى الفعل).

يقول آية الله المحسني عن الوحدة الإسلامية: "معنى الوحدة الإسلامية هو أنه أولاً وقبل كل شيء، يجب تحديد الاختلاف في وجهات النظر بشكل صحيح ومعرفة القواسم المشتركة التي يقبلها جميع المسلمين، وإزالة الأخطاء بين الأطراف قدر الإمكان، والقضاء على الاختلافات الموهومة، وثانيًا في الحالات المشتركة والمجمع عليها، يجب التعاون الصادق، وفي الأمور الخلافية يجب على كل طرف احترام معتقدات الطرف الآخر وعدم الإساءة إليه. قد لا يؤمن عالم ما برأي ويعتبره باطلا، ولكنه يمكن أن يعذر من يؤمنون به ويمنع تحقير رائيهم ومعتقدهم".

الحياة السياسية

بعد الانقلاب الشيوعي في 27 أبريل سنة 1978م، وتولي الحزب الديمقراطي الشعبي الأفغاني الحكم في تلك البلاد، غادر آية الله المحسني أفغانستان، وذهب أولا إلى المملكة العربية السعودية لأداء مناسك الحج، ثم سافر إلى سوريا، وبقي فيها فترة قصيرة مشغولا بتدريس العلوم الدينية، ثم ذهب إلى قم في مارس عام 1979م، وقام في 8 ابريل مع جماعة من رجال الدين الأفغان المقيمين في قم بتأسيس حزب الحركة الإسلامية في أفغانستان، وشرع هذا الحزب المتكوّن من الفِرق الصغيرة بالقتال ضد الحكومة الشيوعية في أفغانستان في ذلك الوقت. وبقي زعيما لهذا الحزب حتى عام 2005م، وبعدها استقال من قيادة الحركة الإسلامية الأفغانية، وأنهى نشاطه السياسي.

التعاون مع حكومة المجاهدين

بعد سقوط حكومة نجيب الله الشيوعية في 28 ابريل 1992م، كان آية الله المحسني الناطق الرسمي باسم مجلس قيادة الحكومة الإسلامية في أفغانستان، في حكومة المجاهدين الأولى.

يقول آية الله المحسني عن الجهاد: "إن دول العالم الحرة التي عملت من أجل سعادتها في الدنيا ضحّت بالدماء، ومن أجل وضع حد لأعدائهم الخارجيين ضحّت بالدماء، ومن أجل إقامة العدالة الاجتماعية وإخضاع الحكومات للقانون وتوفير الحقوق العامة للشعب ضحّت بالدماء. وإننا أيضا يجب أن ننتصر بالتضحية بالدماء، كما أنّ الإيرانيون ضحّوا بالدماء من أجل انتصارهم وإقامة حكومة إسلامية".

التأليف والتحقيق

قام آية الله المحسني بالإضافة إلى أنشطته السياسية والدينية والثقافية، بتأليف العديد من الكتب والمقالات، والتي نشرت منها أكثر من 60 عملا حتى الآن، و109 مجلد منها في برمجة تحت عنوان: "مجموعة آثار آية الله محمد آصف المحسني" من انتاج مركز البحوث الكمبيوترية للعلوم الإسلامية، وحصل المحسني على أعلى الرموز والشعارات العلمية في أفغانستان وهو "الرمز الأكاديمية"، وقد كتب باللغتين العربية والفارسية في مختلف المواضيع: كالحديث، والفقه، والرجال، والعقائد، والسياسة، أما بعض مؤلفاته فهي:

* بحوث في علم الرجال: يحتوي هذا الكتاب على قواعد رجالية، وهو أحد مؤلفاته الخالدة في موضوع دراية الحديث.

* مشرعة بحار الأنوار: تعليقة على بحار الأنوار، حيث حاول فيه المؤلف فَصَل الروايات المعتبرة وغير المعتبرة في بحار الأنوار، بناء على القواعد الرجالية التي ذكرها في كتابه بحوث في علم الرجال، وشرح بعض المواضيع الواردة في الروايات المعتبرة.

* ومن أعماله الأخرى: "عقايد براى همه" (التعريب: المعتقدات للجميع)، و"تقريب مذاهب از نظر تا عمل" (التعريب: تقريب المذاهب من القول إلى الفعل)، و"زن در شريعت اسلامي" (التعريب: المرأة في الشريعة الإسلامية)، و"توضيح مسائل سياسي" (التعريب: شرح القضايا السياسية)، و"خصائص خاتم الأنبياء".

الوفاة

وأخيرًا وبعد حياة من الجهد العلمي والثقافي، توفي آية الله المحسني وودع الحياة الفانية إلى الباقية في 5 أغسطس 2019م إثر وعكة صحية في كابول. وشيّع في 6 أغسطس، بحضور العلماء والمسؤولين الحكوميين والعسكريين وشخصيات سياسية وجهادية أفغانية، والطلاب والمئات من أهالي كابول في مجمع خاتم النبيين العلمي والثقافي في المدينة، ودفن بعد التشييع في مجمع خاتم النبيين.

وأصدر بعض مراجع التقليد عند الشيعة، والمسؤولين الحكوميين الإيرانيين والأفغانيين برقيات تعزية منفصلة بمناسبة وفاته، من أمثال: آية الله السيد علي الخامنئي ولي أمر المسلمين، وآية الله السيد علي السيستاني، ورئيس جمهورية أفغانستان آنذاك، ورئيس جمهورية إيران آنذاك، ورئيس السلطة القضاء الإيرانية، والأمين العام لمجلس الوحدة الإسلامية في باكستان، ورئيس جامعة المذاهب الإسلامية، والمجمع العالمي لأهل البيت (ع).

وجاء في رسالة التعزية التي بعثها آية الله الخامنئي قائد الجمهورية الإسلامية الإيرانية:

"إنّ عشرات الأعوام من الجهاد في سبيل الله في الميادين السياسية والثقافية والعلمية والاجتماعية في دولة أفغانستان الإسلامية، وإلى جانب الشعب الغيور في تلك البقعة تُظهر السجل المشرف لذلك العالم الرفيع المستوى، وإنّ بركاتها المستمرّة والخالدة تشكّل إرثاً معنويّاً قيّماً لتلك الشخصيّة العظيمة".

وجاء في رسالة العزاء التي بعثها آية الله السيستاني: "إن فقد سماحته الذي كان من خيرة العلماء ومن المفكرين المخلصين ومجاهدي طريق الاستقلال ووحدة صف الشعب الأفغانستاني الشريف، تعد خسارة كبيرة".

Ahl Al-Bayt World Assembly

The Ahl al-Bayt World Assembly  is an international non-governmental organization (INGO) that was established by a group of Shiite elites under the supervision of the great Islamic authority of the Shiites in 1990 to identify, organize, educate and support the followers of Ahl al-Bayt.

  • Tehran Iran
  • 88950827 (0098-21)
  • 88950882 (0098-21)

Contact Us

Issue
Email
The letter
4+6=? Captcha