ـ أصدر الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) بيانا هاما، وذلك إثر حرق نسخة من القرآن الكريم في السويد ونشر رسوم مسيئة إلى النبي الأعظم (ص) في فرنسا.
وفي هذا البيان الذي تم كتابته خارجا عن الرؤية الدينية طالب آية الله "رضا رمضاني" المفكرين ومنظمات حقوق الإنسان، والدول الأروبية أن يقمعوا ويطمسوا مثل هذه الأفعال المثيرة للكراهية والمعادية للمجتمع والمخالفة لحقوق الإنسان، وذلك بمختلف الأساليب السلمية والثقافية.
كما أكد سماحته على أن وجهي التطرف ــ أي التطرف الديني والذي ظهر في جماعات كـ "داعش" و"بوكوحرام"، والتطرف المعادي للإسلام والذي من مظاهره "حزب استرام كورس" (المسيئ للقرآن)، و"مجلة شارلي إيبدو" (المسيئة للنبي الأكرم) ـــ وجهان لشفرة واحدة وهما يستهدفان العقلانية، والأمن، والديمقراطية، والسلم والسلام، والمعنوية في المجمتعات البشرية.
النص الكامل لبيان آية الله رضا رمضاني على ما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
للأسف الذريع، وقعت هناك حداثتين ضد الدين ومخالفا لحقوق الإنسان في الأيام الأخيرة في بلدين من بلاد أروبا واللتان تسببتا بإزعاج المسلمين وقلق المدافعين لحقوق الإنسان وكرامته، والحادثتان هما: حرق القرآن في السويد على يد المتطرف الدنماركي، والثانية "الإساءة إلى النبي محمد (ص) في فرنسا من قبل مجلة "شارلي إيبدو".
إن ما يثير استغرابنا ونحن نعيش في العصر الحداثة العصر الذي بلغ العلم والتقنية ذروتهما وقمتهما، أن نشاهد بين الحين والآخر أفعالا نابعة عن غير الحكمة ومن الجهالة ما تسببت التوتر في المجتمعات البشرية، وذلك في قارة أروبا التي تعد رائدة الفكر والثقافة في القرون الحديثة.
وإن أكثر غرابة وعجبا من ذلك، أنها جاءت هذه الأفعال مبررة بذريعة "حرية البيان والعقيدة"، في حين أن حرية البيان والعقيدة تخالف تماما "الإساءة إلى المقدسات ومعتقدات الآخرين".
وفي هذا المجال، وباعتباري الأمين العام لمنظمة ينتمي إليها أكثر من 100 بلد، المفروض أن أشد انتباه المفكرين، والأحرار، ومؤسسات حقوق الإنسان في العالم ــ خاصة في البلدين السويد وفرنسا ــ إلى النقاط الهامة التالية:
1. إن هذه الأعمال المخالفة للأعراف من قبل اليميني المتطرف في السويد، والمبادرة غير الصحيحة من هذه المجلة الفرنسية، فضلا عما تطرح من قضايا دينية وإلهية، فهما من المصاديق البارزة لإثارة الكراهية وبالتالي انتهاك واضح لحقوق الحرية الدينية والعقائدية.
2. إن هذين العملين الشنيعين والأفعال المماثلة لهما انتهاك واضح للمادة الأولى للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ورد فيه: " يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضاً بروح الإخاء"، وبناء عليه مرفوض الإساءة إلى الرموز المحترمة لدى مليارين شخصا من سكان العالم.
3. إن ما حدث في السويد وفرنسا هو في واقع انتهاك لمادة 18 "للإعلان العالمي لحقوق الإنسان" والتي تصرح: "لكلِّ شخص حقٌّ في معتقده بالتعبُّد وإقامة الشعائر"، في حين ليس هناك أعلى من الإساءة إلى الرموز المحترمة إلى ملايين الإنسان في العالم كما حدث في السويد وفرنسا.
4. وورد في مادة 26 من الإعلان، أن من واجب التعليم والتربية هو "أن يستهدف التعليمُ التنميةَ الكاملةَ لشخصية الإنسان وتعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. كما يجب أن يعزِّز التفاهمَ والتسامحَ والصداقةَ بين جميع الأمم وجميع الفئات العنصرية أو الدينية" فيما ما حدث من أعمال مخالفة للأعراف في السويد وفرنسا مناقضة تماما لنص هذه المادة حيث لا تؤدي إلى مطلوبها أي "الأنشطةَ التي تضطلع بها الأممُ المتحدةُ لحفظ السلام".
5. وتعتبر مادة 29 من الإعلان أن أي فرد مسؤول أمام مجتمعه، ونظرا إلى هذه المادة التي تنص على أنه " لا يُخضع أيُّ فرد، في ممارسة حقوقه وحرِّياته، إلاَّ للقيود التي يقرِّرها القانونُ مستهدفًا منها، حصرًا، ضمانَ الاعتراف الواجب بحقوق وحرِّيات الآخرين واحترامها، والوفاءَ بالعادل من مقتضيات الفضيلة والنظام العام ورفاه الجميع في مجتمع ديمقراطي" في حين أن حرق القرآن في السويد عرضت مدينة مالمو إلى الخطر، كما أن الإجراء غير الإنساني لمجلة شارلي إيبدو أدى إلى العديد من أعمال العنف في فرنسا من قبل.
6. وفضلا عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (والذي وقّع عليه الدولتان السويدية والفرنسية ويلزم عليهما تنقيذه)، فإن " العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية للجمعية العامة للأمم المتحدة" والذي تم المصادقة عليها في دسمبر 1966 م يندد أيضا ما يحدث في هذين البلدين، ووفق مادة 19 لهذا العهد " لكل إنسان حق في حرية التعبير، ممارسة الحقوق تتبع واجبات ومسئوليات خاصة، وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون" وقد نصت المادة على نتقطتين منها:
الف ــ احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم.
ب ــ حماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.
فما حدث في السويد وفرنسا سواء من الناحية الذاتية والجوهرية وسواء من الناحية العرضية وتبعاتها تخالف مادة 19 للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وما ورد في البنود الستة، تم تبيينه من منظور حقوق الإنسان وخارج من إطار الشريعة، فإنه واضح وجلي جدا، ما إذا ألقينا الضوء على هذه الأحداث من بُعد التعاليم الدينية نجد أن جميع الأديان والمذاهب في العالم يرفضون هذه السلوك كما أنه يجب مناقشة هذا الأمر في مكان آخر يطول مقام هنا.
فبناء على ما تقدم، نطالب أولا المفكرين والمثقفين والأحرار الملتزمين بالأعراف الاجتماعية، وثانيا المؤسسات المدنية ومنظمات حقوق الإنسان، وثالثاً الدول الأروبية أن يقمعوا ويطمسوا مثل هذه الأفعال المثيرة للكراهية والمعادية للمجتمع والمخالفة لحقوق الإنسان، وذلك بمختلف الأساليب السلمية والثقافية.
علينا أن نلتفت جيدا إلى هذه النقطة الهامة أن وجهي التطرف ــ أي التطرف الديني والذي ظهر في جماعات كـ "داعش" و"بوكوحرام"، والتطرف المعادي للإسلام والذي من مظاهره "حزب استرام كورس"، و"مجلة شارلي إيبدو" ـــ وجهان لشفرة واحدة وهما يستهدفان العقلانية، والأمن، والديمقراطية، والسلم والسلام، والمعنوية في المجمتعات البشرية.
إذ أعلن من هنا، أن المجمع العالمي لأهل البيت (ع) على استعداد لإقامة ندوات علمية وثقافية مع من لديهم تسائل أو ملاحظة حول النبي الأكرم (ص)، والقرآن الكريم، أو الأحكام الإسلامية، وذلك لمناقشة الأمر في أجواء علمية بعيدا عن التطرف والتعصب؛ لأن هذا الحكم من أوامر الله تعالى في كتابه حيث قال: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجادِلهُمْ بِالتِي هِيَ أحسَن...﴾ (القرآن الكريم، سورة النحل، الآية 125).
رضا رمضاني
الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (ع)
4 سبتمبر 2020 م.
.........