وفقا لما أفاده الموقع الرسمي للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) - أصدر الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) بيانا، وذلك بمناسبة سلسلة احتفالات عشرة الكرامة ذكرى ولادة السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام والإمام الرضا عليه السلام وحفل التكليف للفتيات والفتيان.
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام وتحية طيبة لجميع الفتيات الطيبات والمؤمنات؛
حفظكن الله جميعا، وليرعاكن دائما دعاء الإمام العصر سلام الله عليه، ولتكنّ في ظله.
تعد فتيات مجتمعنا من الفتيات ذات القابليات والقدرات العالمية، ويملكن مواهب إلهية، يجب العناية بهذه المواهب، والأمر الذي يعتبر مهما جدا هو أن نعطيهن بالغ اهتمامنا. وبناء عليه يجب أن يصبح لدينا تفسير صحيح للحياة، وأن ندركه ونفهمه. لماذا خلقنا الله تبارك وتعالى؟ من المؤكد أنه سبحانه لم يخلقنا سدى وللقضايا الظاهرية، إننا نعيش في الدينا وأتينا فيها لنهذب أنفسنا ونزكيها، ولتصبح لدينا حياة طاهرة متحلية بالعفة والطهارة.
ولأجل أن يتمتع الإنسان بحياة طيبة وناجحة، عليه أن يفكر جيدا، ويحظى بأخلاق حسنة، كما يجب علينا أن نرفع مستوى أخلاقنا، وأن نعمل أعمالا طيبة. ما إذا كان هناك فكر جيد، فحينها تصبح الأخلاق حسنة، ويطيب العمل، وبالتالي سنحظى بحياة طيبة.
فهذه هي الحياة؛ والمراد من العيش الطيب أن يكون لدينا فهم صحيح من الحياة، فلم يخلقنا الله لننشغل بأمور الدينا فحسب، بل خلقنا نصل إلى الكمال، فلنسعى لازدهار مواهبنا، فإن أي واحد منا سيصبح أنموذجا ليقتدى به في الأعمال والسلوك، كما أن الفتيات سرعان ما يحصلن على هذا الاستعداد، ويبلغن إلى هذه اللياقة، وبناء عليه عندما يبلغن التاسعة من أعمارهن تتهيأ لهن الظروف ليصبحن في محضر رب العباد.
كم يجب علينا أن نشكر الله على هذه النعم التي أنعمها علينا، كما يجب معرفة هذه النعم، وكم من نعم طيبة وهبها الله إيانا: نعمة الوالدين، ونعمة الصديق الجيد، ونعمة القرآن الكريم، ونعمة أهل البيت عليهم السلام، ونعمة التكلم مع الله. فالفتيات عندما يبلغن سن التكليف يصبح لديهن هذه الميزة؛ كي يتحدثن مع الله، في أي وقت شئن، ويمكن لهن أن يدعين الله لأي شخص شئن. إن الله يحبهن كثيرا، وبالتأكيد أيضا يستجيب دعاءهن.
إن أهم أمر يجب علينا أن نلتفت إليه هو حفاظنا على العفة والطهارة، حتى نصبح من أهل الحجاب، وأهل العفاف، وأهل الطهارة. الأمر الذي يعد مهما جدا، فمن الآن ــ علينا ــ أن نبدأ، ولتكن لدينا انطلاقة جيدة، علينا أن نبدأ حياتنا بصورة جيدة، فإن البداية الحسنة يتبعها ثمرة طيبة، و يجب أن نشكر ونثمن جهود من وفّر هذه البيئة الطيبة كالوالدين، والمدرسين، والمعلمين، حيث وفّروا لنا هذه الفرصة.
إن الإنسان دوما بمنظر رب العالمين خاصة أولئك الذين اختاروا منهجهم وطريقهم بأنفسهم، وانتخبوا الطريق الطاهر لأنفسهم، ومن هذا المنطلق أوصينا نحن المبلغين بالأحداث (أي: الشباب) أن ندركهم، فإنهم ذوو قابليات وقدرات كامنة ومهمة جدا، فإن قلب الشباب قبل أن يواجه مشكلتين يجب أن يتم تربيته وتهذيبه، وبناء عليه نرى أن أمير المؤمنين (ع) في رسالته إلى الإمام الحسن (ع) يقول: فبادرتك بالأدب.
وقبل أن تظهر مشكلتان أؤكد أن تبذلن جهودكن حتى تتعلمن الآداب الإلهية والآداب الإنسانية، وآداب التواصل مع الآخرين، فبادرتك بالأدب قبل أن يقصب قلبك، أي: قبل أن يمسى قلب الإنسان قصيا، أو يشتغل إليك، أي: قبل أن ينشغل ذهن الإنسان بمختلف القضايا والأمور. على الإنسان أن يدرك نفسه، ويجدها، وأن نصالح مع أنفسنا.
على فتياتنا أن يصالحن مع أنفسهن، فلا شك أن هذه المصالحة تكون السبب أن يصبح للتواصل مع الآخرين والارتباط بالله صبغة جميلة، ثم فيما بعد يصبحن في المستقبل هؤلاء الفتيات معلمات، ومدرسات، ومربيات، ويصبح لهن دورا فعالا ومؤثرا في المجتمع، وفي أمر التربية، ومن ثم يقمن بدور الأمومة؛ فيجب أن يصبحن متعففات طاهرات، ويعشن حياة طاهرة، ثم بعد الزواج يقطعن هذا المسار إلى الأمام بالطاهرة والعفة لأزواجهن، ثم تأتي بعدها مرحلة أخرى فشيئا فشيئا يقمن بدور الأم، ليصبحن مربيات للجيل المستقبل، بعد ذلك يمنحن دورا آخر أن يخضن في الساحة الاجتماعية ويصبح لهن دورا اجتماعيا.
فإن الرجال أيضا بلغوا مكانة رفيعة، وذلك بالجهود التي بذلنها هؤلاء النسوة في تربيتهم، انظروا كبار الرجال في التاريخ، فإن الرجال الذين قدموا خدمات في مختلف المجالات، فهم الذين تربوا فأحضان النساء الطاهرات، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك لكنّ هذا اليوم.
فإن هؤلاء اللواتي وفّقن أن يشاركن في مراسم حفل التكليف، ليعلمن أن الاحتفال الحقيقي هو ذلك الاحتفال الذي يصبح الإنسان فيه مكلفا، ويؤدي ما عليه من التكاليف والواجبات الإلهية، فهو أفضل الاحتفالات في حياة الإنسان، وإن كان هناك احتفالات وأعياد أخرى نحتفل بها كعيد الميلاد، لكن الاحتفال الحقيقي الذي لا بد للإنسان أن يحتفل به، هو اليوم الذي يصبح فيه مكلفا ويتشرف بأن يصبح مخاطبا للرب العباد، فيخاطبه الله تبارك وتعالى، فهذا اليوم أي: اليوم الذي يكلف فيه الإنسان، يجدر بأن يصبح يوما يستذكره الإنسان في كل سنة ويحتفل به، فيجب أن يؤدي أعماله من الواجبات الإلهية صلواته وصيامه والأعمال الأخرى. فهذا اليوم هو يوم عيد واحتفال؛ إذ أن الله تبارك وتعالى يبلّغ الإنسان درجة الازدهار والتنامي ببركة أداء هذه الأعمال، ويمهد له حياة طيبة وأبدية وسرمدية.
بالتوفيق والسداد
والسلام علیکم و رحمة الله و برکاته.