كتب عضو المجمع العالمي لأهل البيت (ع) السيد الطاهرالهاشمي إلى مقالا تطرق فيه إلى قضية المقاومة، مبينا أدوار علماء الأمة الإسلامية في توحيد الصفوف ومواجهة أعداء الأمة.
وفيما يلي نص المقال:
نهج المقاومة
لا شك أن المقاومة تختلف من دولة لأخرى ومن محور لآخر بسبب الظروف الجغرافية والسياسية في تلك الدول، ولكن العامل المشترك هو مرجعية المقاومة وهدفها، حيث مرجعيتها مقاومة كل محتل وكل معتد، وهدفها تحرير الدول ونُصر المظلومين والوقوف ضد الظالمين، وفي منطقتنا أصبح للمقاومة جوانب متعددة ومختلفة خصوصًا في السنوات الأخيرة حيث اشتدت سواعد المقاومة في سوريا وفلسطين واليمن وأيضًا في العراق، فعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم، حيث عندما اجتاحت داعش وأمثالها الدول وخاصة دول محور المقاومة كانت هناك من الذعر بين الشعوب بسبب ما كانت تفعله تلك الجماعات الخارجة عن الأطر الدينية الإنسانية والأطر العرفية، ولكن مع ظهور المقاومة ومجابهة تلك الجماعات اتضح مدى دعم الشعوب للمقاومة واقتناعهم أنها هي الملاذ الحقيقي للخلاص من الشرور والتطرف، لذا فقد اشتدت سواعد المقاومة في سوريا والعراق وتم طرد الجماعات الإرهابية ودحرها بشكل مذل أما من كانوا يدعمونها بكل ما لديهم من قوة ومال، وهنا ننتبه إلى نقطة هامة وهي أن اللواذ بالدول الأجنبية مثل أمريكا والغرب من أجل طرد هذه الجماعات كمن يطلب من الذئب أن يقتل ابنه، فتلك الجماعات وهذا الإرهاب هو ربيب أمريكا وأوروبا وأنى لهما أن يقتلا ربيبهما، والغرب من مصلحته أن تستمر هذه الحروب لاستنزاف طاقات وأرواح الدول والشعوب حتى يصبح المجال مفتوحًا له ليفعل ما يحلو له، إلا أن المقاومة كانت هي الشوكة التي وقفت في حلق الغرب وأنهت كل مخططاته سريعًا، لا ننكر وجود الكثير من الخسائر البشرية والمادية إلا أن عدم وجود المقاومة كان سيؤدي إلى هلاك شعوب المنطقة والحكومات، هذا بالنسبة للحروب بالوكالة التي كان يمارسها الغرب ووكلائه من العرب في دول العراق وسوريا، أما بالنسبة للوضع اليمني فلم يعتمد المعتد على الوكلاء بشكل كبير وتدخل هو بشكل مباشر للقضاء على شعب هذا البلد المقاوم، ولكن شعب اليمن الحقيقي لا يمكن تقسيمه إلى مواطنين ومقاومين، بل كل رجل وامرأة وطفل في هذا البلد هو النموذج الأمثل للمقاومة، هذا الشعب الذي عانى الأمرين وكابد الكثير من المتاعب والقتل والتهجير والجوع والموت، إلا أنه لم يتنازل عن بيته وعرضه ووقف جبلًا صامدًا شامخًا ضد المعتدين الذين أصبحوا في الوقت الحالي يبحثون عن ملاذ للفرار من هذا المستنقع الذي أوحلوا أنفسهم فيه، ولكن الله لهم بالمرصاد وسيُهزمون شر هزيمة على يد رجال الله في اليمن العزيز، ومستقبل المقاومة في كل هذه الدول هو انعكاس لحاضرها، فحاضر المقاومة هو أنها هي الملاذ الوحيد للتخلص من الأعداء والمعتدين ولا سبيل سوى ذلك، لذا فالمقاومة حاضرة وبقوة ولا سبيل لهذه الشعوب سواها، أما بالنسبة لفلسطين فهي الأمل الذي تهفو إليه أرواح المقاومين من كل مكان ولديها مقاومتها الداخلية وقلوب جميع الشعوب العربية، فالعدو هناك هو أصل كل الأعداء والصهاينة هم أساس كل الشرور والبلاء وهم سرطان هذه الأمة، لذا فالمقاومة في فلسطين حاضرة في الماضي والحاضر والمستقبل ولا سبيل لتحرير فلسطين سوى بالمقاومة، وليس بالضرورة أن تكون المقاومة عبارة عن حركات متفرقة وإن كان حاضرها هكذا، ونحن نُشيد بالأحرار من جميع الحركات المقاومة في فلسطين الذين يدافعون عن شرف الأمة وعلى أمل أن تنضم إليهم وتنصرهم جيوش الدول في المستقبل إن شاء الله.
دور العلماء
من أهم الأدوار التي يجب على علماء الأمة الإسلامية من الشيعة والسنة هو دعم المقاومة، والسعي نحو نبذ الخلافات وتوحيد الصفوف حتى تتوحد وجهة الشعوب العربية والإسلامية نحو مواجهة الأعداء وليس مواجهة بعضها بعضًا، لا يمكن أن ننكر نجاح الأعداء في وقت من الأوقات في بث الفرقة بين أبناء الدين الواحد، وقد ساعدهم في ذلك وجود جماعات مندسة وتيارات دخيلة على الإسلام تُكفر هذا وتلعن ذاك، ولكن الشعوب الإسلامية انتبهت لهذه الأمور خلال الفترة الأخيرة وبدأت في توحيد الهدف نحو مواجهة أعداء الأمة، لذا فدور العلماء هنا هو دور توعوي وتوجيهي، يجب على كل عالم من كل مذهب أن يوضح أن الاختلافات المذهبية هي اختلافات في الفروع وفي الأصل كلنا مسلمون، وهناك مؤامرة كبيرة علينا ويجب أن نقف جنبًا إلى جنب لمواجهة هذه المؤامرة، نتمنى في يوم من الأيام أن نرى مؤتمرات وحدوية بين الأزهر الشريف والمؤسسات العلمية الشيعية لتوحيد الكلمة والصف وتوعية الشعوب وتعريفهم بأعدائهم الحقيقيين بعدما انحرفت البوصلة في الفترة الماضية.
وكما قلنا فدور العلماء توعوي وهم يحملون واجب توعية الشعوب وتثقيفهم فالعالم كالطبيب، الطبيب يصف علاج الجسد الفرد والعالم يصف علاج جسد الأمة بأكملها، لذا فالدور التثقيفي لابد أن ينصب على قضية الوحدة ونبذ الخلاف، وتوجيه الشعوب إلى ضرورة معرفة العدو الحقيقي ومقاومته سواء بالكلمة على الأقل.
تصدير فكر المقاومة
ان تصدير فكر المقاومة ليس منحصرًا على العلماء وإن كان لهم دور كبير في ذلك، فنحن في مصر على سبيل المثال وفي عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر لم يتوقف عبدالناصر عن دعم الشعوب المظلومة سواء في منطقتنا العربية وفي أفريقيا وأمريكا اللاتينية وغيرها وكان نموذجًا للرئيس المُقاوم الذي لا يدخر جهدًا في الدفاع عن الشعوب المظلومة، ومن هنا يجب أن نتخذ منه قدوة حسنة وأن تكون فكرة المقاومة هي الفكرة الحاضرة دائمًا في أذهان الشعوب العربية والإسلامية، وهذا يبدأ من معرفة كيفية الاعتماد على الذات والابتعاد عن الدعم الاحتلالي الذي أصبحت تنتهجه دول الغرب في الوقت الحالي، حيث لم تعد الدول تحتل بالأسلحة والدبابات كما في السابق بل تحتل بالمال، تحتل الاقتصاد الذي يُسيطر على كل شيء، ومن ثم تُملي أوامرها، وهنا يجب على العلماء أن يوعوا الشعوب بضرورة العمل للاكتفاء الذاتي وتوطين الاقتصادات من أجل الاستعداد لمواجهة أي احتلال أو إملاءات دون وجود صعوبات اقتصادية أو غيرها