أقيم ملتقى "مناقشة أولويات أولويات واستراتيجيات نشر تعاليم أهل البيت (ع) في الساحة الدولية؛ مع التركيز على شبه القارة الهندية وجنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية" في قاعة الاجتماعات للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) بمدينة قم المقدسة.
وفي هذه مراسيم بارك الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) أسبوع البحث والتحقيق، وصرح: إن البحث والتحقيق من القضايا المهمة في ساحات التطور والتغيير، وله دور فعال ومؤثر في تبيين الأفكار الصحيحة والأصيلة، والإجابة على السؤالات والشبهات، خاصة وأن تحديثه نظرا إلى مقتضيات المجتمع البشري قضية هامة، وإذا أصبحت الأبحاث بناء على هذا المعيار سنشاهد نموا وازدهارا في مختلف مجالات العلم.
وأضاف سماحته: ونظرا إلى أن هناك نرى مخالفة للأعراف الفكرية في مختلف المجالات، ينبغي للتحقيق أن يتطرق إلى القضايا التي نواجهها، وأن يكون له اهتماما خاصا لظروف مختلف الدول والمناطق.
* لنعرّف مدرسة أهل البيت (ع) بصورة إيجابية
وصرح آية الله "رضا رمضاني" حول أهمية البحث والتحقيق في المجمع العالمي لأهل البيت (ع): إن دور المجمع العالمي لأهل البيت (ع) حول المفاهيم التي تطرح اليوم في العالم دورا بارزا، وينبغي أن نتجه إلى مسار نصبح فيه المرجعية في القضايا البحثية والتطورية حتى يرغب إليه المجتمع البشري، كما أنه يجب متابعة نشاط مجلس الكتاب بشكل تخصصي وفي 14 فرعا، ويتم دعوة الباحثين من مختلف الدول بغية التعريف بمدرسة أهل البيت (ع) في المجتمع البشري اليوم.
وأكد سماحته على التعريف الإيجابي بمدرسة أهل البيت (ع)، وتابع: نحتاج إلى أن نعرّف مدرسة أهل البيت (ع) بصورة إيجابية، ونبلّغ محاسن كلام أهل البيت (ع) المضيئة، ويجب التأكيد على المفاهيم الإيجابية لمدرسة أهل البيت (ع)؛ إذ أن الجانب الإيجابي لهذه المدرسة هو الذي يجب الاهتمام به، وعلى المسلمين والشيعة أن يتعرفوا على أدب مدرسة أهل البيت (ع) بنظرة عقلانية.
وأشار أستاذ دروس السطوح العليا في الحوزة العلمية بقم إلى التعريف بالإسلام بشكل إفراطي وتفريطي من قبل بعض الأديان والمذاهب في مختلف المجالات، وأضاف: إن منهج التعريف بمدرسة أهل البيت (ع) يجب أن يكون بصورة عقلانية ، وما إذا أردنا تبيين الإسلام يجب أن يكون بشكل دقيق وشامل وعميق. إن التعريف الشامل هو الذي يشمل الأبعاد الفردية والاجتماعية والدنيوية والأخروية، إذ أن الإسلام لا يتقبل الظلم في الساحة الاجتماعية، فيحارب الظلم ويتجه نحو المعنوية.
وأكد سماحته: إن جميع أحكام الإسلام توجهنا نحو المعنى، تلك المعنوية ذات النطاق الواسع التي تتقبل المسؤولية وليست تحاربها أو تنفر منها، كما ينبغي الالتفات إلى هذه النقطة بأننا اليوم نواجه أزمات شتى، كما أن هناك بعض الشباب لعدم امتلاكهم نظرة عميقة عن المفاهيم الإسلامية أصيبوا بالعبثية وانعدام الهوية، وتحظى مدرسة أهل البيت (ع) بالثراء من المفاهيم حتى أنها يمكنها الإجابة عن الأزمات التي يواجهها البشرية اليوم وفي المستقبل.
* إذا كان للمعنوية مسند غير الدين، لم تبلغ مرتجاها
وأشار آية الله رمضاني إلى الأزمات الموجودة في الغرب، وقال: هناك الكثير من الأزمات نشاهدها في الغرب، وأكثر من ألف نوع من المعنوية المزيفة المزورة قد أسست هناك، فللخروج من أقسام هذه الأزمات يجب التوجه إلى المعنوية الدينية، و إذا كان للمعنوية مسند غير الدين، لم تبلغ مرتجاها.
وتابع سماحته: اليوم الأزمات الموجودة في العلاقات الأسرية جاءت لابتعادهم عن مفاهيم أهل البيت (ع) الأصيلة. إن أزمة الأسرة أزمة خطيرة وهي تهدد أركانها وركائزها، واليوم يسعون لاستهداف الأسرة وتدمير الأسر في العالم الافتراضي.
وأضاف الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (ع): كان في زمن ما البلدان الإسلامية هي التي تحمل العلم والوعي في العالم، لكن بما أننا ما انتفعنا من معارف أهل البيت (ع) لإزالة هذه الأزمات أصبحت البلدان الإسلامية في عداد دول العالم الثالث، وتورطت في مشكلات عديدة، ولذا فإن أبحاثنا وإصداراتنا يجب أن تأتي بناء على الاحتياجات الحقيقية، ففترة الشباب هي أفضل زمن لترويج ونشر مفاهيم الإسلام وأهل البيت (ع)؛ إذ أن الأرضية موفرة ويجب تبيين معارف أهل البيت (ع) بلغة ولسان تلك المناطق.
وأكد سماحته على ضرورة تربية مؤلفين متخصصين لنشر الكتب من نفس السكان الأصليين والمحليين، كما يجب أن نكرس الجهود نحو تربية المتخصصين المحليين الذين لديهم معرفة بلغة وأدب بيئتهم.
وأشار آية الله رمضاني إلى أنه يجب تأليف الكتب لمختلف الشرائح الشباب، والنساء، والنخب، و....ولتحقيق هذا المطلب يجب القيام وتقديم أبحاث خاصة.
* الأدوات التقليدية لتبليغ مفاهيم الإسلام وأهل البيت (ع) لازمة وليست كافية
وحول ضرورة الانتفاع من العالم الافتراضي لتبليغ مفاهيم أهل البيت (ع) صرح سماحته: يجب استخدام الأدوات التقليدية للتبليغ، لكن هذه الأدوات التقليدية لازمة وليست كافية. كان في زمن غير بعيد مئات الأشخاص يجلسون تحت منبرنا ويستمعون لكلامنا، لكن اليوم آلاف الأشخاص عبر العالم الافتراضي يحضرون تحت منبرنا، وفي دولة كالهند هناك ثلاثة أو أربعة ملايين شخص يشاركون في المؤتمرات التي تنعقد بشكل افتراضي ويستمعون إلى الكلمات والخطابات التي تلقى فيها.
وفيما يتعلق بأن هناك عدد من الاستراتيجيات حول نشر مفاهيم أهل البيت (ع) في الساحة الدولية، صرح أستاذ دروس السطوح العليا في الحوزة العلمية بقم: في تبيين مدرسة أهل البيت (ع) لا نصرّ على أن يعتنق المخاطب التشيع، بل أن نكونوا مصرّين على أن نعرف مدرسة أهل البيت (ع) بشكل صحيح وشامل، ومن ثم نعرّفها، ففي أروبا يجب أن نقول ليس الإسلام كما تتصورن، وتنسبون العنف للإسلام، بل الإسلام مليئ بالمحبة والمودة والعقلانية، ما إذا عرّفنا الإسلام بصورة شاملة فسيعشقه شعوب العالم؛ إذ أن الإسلام يعلّم الكرامة للناس بكل ما للكلمة من معنى.
وأضاف سماحته: في إحدى كلماتي التي ألقيتها في فيينا عرّفت الإمام الحسين (ع) بأنه نهض من أجل البشرية، فبعد أن انتهت كلمتي أتي إلي مسيحيان وقالا: "من هذه النظرة التي تحدث عن الإمام الحسين (ع) فإنه إمامنا أيضا"، إن القدرة الكامنة والقابلية التي تكمن في عاشوراء قابلية دولية هامة، ويجب الاهتمام بجميع أبعادها، ولا نعتني بجانب من أبعادها فحسب. إننا لم نتمكن أن نعرّف أهل البيت (ع) للمجتمع البشري بصورة شاملة، فلو كان هكذا لما كتبت مقالات بالغرب بأن النبي (ص) رجل مقاتل، إذ أن ليس لديهم تفسير صحيح عن غزوات النبي (ص)، في حين أن حروب النبي (ص) كانت من أجل الحفاظ على الكرامة الإنسانية ومقارعة الغطرسة والاضطهاد.
* للتعريف بالإسلام بصورة دقيقة وشاملة وعميقة
وصرح الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (ع): هناك من لم يعرف الشريعة الإسلامية والإمام الحجة (ع) كما ينبغي لهما، وقد قال أحد الغربيين في إحدى خطاباته أن ثلثي العالم يقتلون في عصر الظهور، في حين أن جميع الروايات التي تتحدث عن مقتل ثلثي العالم في عصر الظهور مزيفة وغير صحيحة.
وأشار سماحته إلى أنه نعيش ظروفا جيدة لنشر معارف الإسلام، وأكد سماحته على ضرورة تبيين الإسلام للعالَم بصورة دقيقة وشاملة وعميقة مع العقلانية التي وصلت إلينا من أهل البيت (ع): ففي أفريقيا نقول أن أهل البيت (ع) كانوا يخالفون العبودية لغير الله، وفي أروبا نؤكد على العقلانية، والحرية، والكرامة والقضايا التي تطرح في الوقت الراهن، ولتحقيق هذه المطالب نحتاج إلى باحثين ومحققين، ونأمل أن يفتح لنا مجلس الكتاب مرحلة جديدة من البحوث في مختلف المجالات.