أقيم اجتماع تحت عنوان "الأخلاق والأسرة" شارك فيها الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (ع)، وألقى كلمة فيها، وذلك في جامعة أهل البيت (ع) وفي جمع من طلابها.
وقال آية الله "رضا رمضاني" في هذا الاجتماع: روي أنه: "واللهِ لو تعلمونَ ما في رمضان لتمنيتم أن تكونَ السنةُ كلها رمضان"، وفي رواية أخري: "لا تقولوا: هذا رمضان ولا ذهب رمضان ولا جاء رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله عز وجل لا يجيئ ولا يذهب وإنما يجيئ ويذهب الزائل ولكن قولوا: شهر رمضان، فإن الشهر مضاف إلى الاسم والاسم اسم الله عز ذكره وهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن جعله مثلا وعيدا". (الكافي - الشيخ الكليني - ج ٤ - الصفحة ٧٠).
وأضاف سماحته إن شهر رمضان مصحوب بالإمساك من الطعام والأكل والشرب ولهذه الأمور حكمتها، والقضية التي ينبغي للإنسان أن يبلغها ليست المال والقوة؛ إذ أن هناك الكثير من الأشخاص حصول على القوة والثروة لكن كان يبدو عليهم الكثير من الاضطراب والقلق، فإن هؤلاء بحاجة إلى الهدوء والطمأنينة، تلك الحياة الطيبة والهدوء الذي مصحوب بالفكر النزيه، والنظرة الطاهرة، ونظرة الإيجابية إلى العالم والكون حيث أن البشر خلق من أجله. فجميع هذه الأمور تعطي الحياة المعنوية والنقاء، وتؤدي إلى التعقل والتفكر، وإنّ هذه القضية صعبة الحصول لكثير من الأشخاص، ويتوصل إليها من أدرك حقيقة وجوهر الدين.
وفيما يتعلق بثمرات علاقة الإنسان بالله قال الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (ع): إن حقيقة الدين توصل الإنسان إلى العزة والكرامة، فإن الإنسان ما إذا أراد أن يبلغ العزة يجب عليه أن يتصل بالدين، وليس له طريق سواه؛ إذ أن أفضل العلاقات هي العلاقة بالله. إن علاقة الإنسان بالله تزوده بالقوة، وهي التي تسبب الهدوء. وإذا لم يكن الله في حياة الإنسان، فليس هناك باعث للإنسان حتى يستمر بالحياة وسرعان ما يسئم منها، كما أن إذا منح الإنسان أقصى درجات الحرية فإنه يمل منها أيضا، فالإنسان نفسه يطالب تلك الحقيقة التي دائما يبحث عنها.
وحول رسالة جامعة أهل البيت (ع) تابع سماحته: ما ينبع من الجامعة وما ينظر إليه الناظرون من خارج الجامعة هو العلم فحسب، كما يجب أن يتحلى هذا العلم بالأدب والتواضع، فيقول ابن سينا مع ما بلغ من العلم: "أعلم أني ما زلت جاهلا"، فالثمرة الحقيقية للعلم هي التواضع والخشوع، وعلينا الاهتمام بهذه النقاط، ما زلنا جاهلون أمام العلم اللايتناهي في العالم، العالم مليئ بالعلم والحكمة، كما أن الأسماء الإلهية يمكن مشاهدتها في جميع أرجاء العالم؛ وبناء عليه الجامعة هي محل لفهم ودرك عظمة الكون وخالقه.
وأضاف أستاذ السطوح العليا في الحوزة العلمية: إن شهر رمضان المبارك فرصة للإنسان ليعزز فيها علاقته بالله تبارك وتعالى، وتحقيق هذه المهمة هو من واجبات الجامعة الإسلامية. إن الجامعة مكان للعلم والأدب والثقافة و.... وبما أن هذه الجامعة جامعة دولية عليها أن تستأنس بالأدب الدولي، فإن الأدب الدولي يختلف تماما عن أدب منطقة محددة؛ فإنه أدب عالمي، كما يجب علينا أن نتعرف على الأدب العالمي؛ وما إذا أردنا أن نتحدث مع المخاطبيين الدوليين فالخطاب الموجه إليهم يختلف عما سواهم، فالأدب الدولي يمتاز بأدب خاص.
وأكد سماحته على تجلي معالم مدرسة أهل البيت (ع)؛ إذ أن مدرسة أهل البيت (ع) مليئة بالعقلانية والمعنوية والعدالة، وهذه الأمور يجب تحقيقها في الأسرة أيضا.
وفيما يرتبط بأهمية الأسرة في الإسلام نوّه آية الله رمضاني بأن إحدى الآيات القرآنية التي تعد من معاجز هذه الكتاب السماوي، ونحن نمر عليها عادة بشكل عابر قوله تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" ففيها أبحاث كثيرة، فيقول البعض إن المرأة تمنح هذه السكينة للرجل، في حين أن دين الإسلام يرى أن كلا من المرأة والرجل يمنحا الآخر الهدوء والطمأنينة، فنظرة القرآن الكريم نظرة شاملة، ويعتبر هذا الهدوء ذا اتجاهين، وهذا هو رمز بقاء وخلود نظام الأسرة في الشريعة الإسلامية حيث اعتبرت المودة والمحبة هو الأصل.
وحول اضطهاد العالم الغربي للأسرة قال سماحته: لا ينبغي أن نحرّف أصول الأسرة وركائزها، فهناك انحرافات كثيرة عملتها المدرسة الليبرالية بحق الأسرة. نحن نقول أن نظام الأسرة بحكم طبيعته انطلق من الزوجية أي: المرأة والرجل، والذكر والأنثى، وهناك معايير تجعل بينهما أن يتواصلا، وعلى حد قول سماحة آية الله جوادي الآملي: المرأة مظهر الجمال، والرجل مظهر الجلال، وهذا ركن الأسرة. لكن وللأسف نشاهد اليوم أن هذا المعنى تم تحريفه، فيقول الغرب في تعريف الأسرة: لا يجب أن تكون في الأسرة مفهوم الزوجية، فهم قد غيّروا هذا المفهوم، فنجد أن هناك تحريف وانحراف وقع فيه، ففي مثل ظروفهم ليس هناك هدوء ولا طمأنينة؛ إذ أن هذه السكينة لا تأتي إلا من خلال التواصل الصحيح مع المعايير الصحيحة للدنيا.
وفي الختام صرح الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (ع): عندما يصاب المرء في خارج البيت بانزعاج أو أذي لا ينبغي أن يعكس ذلك في البيت، بل يجب أن يأتي مبتسما ضاحكا للبيت، كما عليه أن يدّرب نفسه على هذه السلوك، ففي هذه الحالة هذا الحب هو الحب الحقيقي المستدام، وغيره فهو حب قصير المدى لا يدوم وقتا كثيرا.