انعقدت اللجنة الثانية المتخصصة للمؤتمر الدولي لـ «الدراسات الاخلاقية التطبيقية في الاسلام والمسيحية»، تحت عنوان «اخلاقيات الحرب والسلام من وجهة نظر الاسلام والمسيحية» في قاعدة مؤتمرات المجمع العالمي لأهل البيت (ع)، مع بيان الأسقف "مالخاز سونغولاشويلي" رئيس قساوسة في جورجيا واستاذ جامعي في قسم الإلهيات المقارن، وعضو هيئة خبراء القيادة ورئيس مجلس إدارة الباحثين في الشأن الديني آية الله الشيخ "أحمد مبلغي".
وفقا لما أفاده الموقع الرسمي للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) - انعقدت اللجنة الثانية المتخصصة للمؤتمر الدولي لـ «الدراسات الاخلاقية التطبيقية في الاسلام والمسيحية»، تحت عنوان «اخلاقيات الحرب والسلام من وجهة نظر الاسلام والمسيحية» أمس السبت، في قاعدة مؤتمرات المجمع العالمي لأهل البيت (ع) .
شارك في هذه الندوة الأسقف "مالخاز سونغولاشويلي" رئيس قساوسة في جورجيا واستاذ جامعي في قسم الإلهيات المقارن، وعضو هيئة خبراء القيادة ورئيس مجلس محققي الأديان آية الله الشيخ "أحمد مبلغي".
بعد ان عبّر الأسقف سونغولاشويلي عن ارتياحه لزيارته الى ايران، تحدث عن الحرب والسلم من وجهة نظر الاسلام والمسيحية قائلا : ان الكتاب المقدس لدى المسيحيين هو الانجيل، وعند اليهود التوراة، والقرآن الكريم عند المسلمين. يعتبر المسيحيون بخلاف المسلمين واليهود ان نبيهم عيسى المسيح (ع) هو كلمة الله وليس رسول الله، ومنه وأصحابه وصل الانجيل الى الناس .
وأضاف : نعتقد في المسيحية ان الرب يحب جميع عباده، وأساس هذا الدين يتكأ على المحبة، كما ان الاسلام يتكأ على السلم، والذي جاء اسمه من التسليم والسلام .
الأسقف سونغولاشويلي: الآية 13 من سورة الحجرات هي الآية المفضلة عندي
اطلق رئيس قساوسة جورجيا على النبي عيسى (ع) سفير السلام، وقال: للأسف لم يتمكن المسيحيون عبر التاريخ من إتباع نبيهم، وما كان أتباع المسيح على ود مع المسلمين فيما مضى، وأصبح الاستعمار المسيحي يحكم الشرق الأوسط في أحداث الحروب الصليبية، وكما ان المسيحيين ابتعدوا عن السلم في فترة الإمبراطورية البيزنطية، وكما ارتكبوا الإبادة الجماعية الواسعة في الحرب العالمية الأولى والثانية .
وأشار الاستاذ المقارن في قسم الإلهيات بجامعة "ايليا الجورجية" الحكومية الى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وقال : بعد ثلاث سنين من هذا الحدث، أصدر جميع المسيحيين بيانا مشتركا أكدوا فيه ضرورة إنهاء الحرب، والرجوع الى تعاليم السيد المسيح (ع) قبل عام 2000 .
وأشار الأسقف "سونغولاشويلي" الى ظروف الحرب الحالية في الشرق الأوسط قائلا : نشهد اليوم حربا وصداما بين كافة أتباع الديانات؛ لذلك غدت قضية إحلال السلام الحقيقي في العالم أكثر أهمية من أي وقت مضى. وإذا رجعت جميع الأديان الى كنه نصوصها الدينية استطاعت الحصول على كلمة السلام بين الأديان .
وتحدث بشأن الآية المفضلة عنده وقال: قال الله تعالى في الآية 13 من سورة الحجرات: «يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ...تدل هذه الآية على أهمية تعرّف الناس لبعضهم على بعض، وبالتالي السلام وليس الحرب. واذا آمنا بأن الإنسان ليس هو محور العالم ويجب ان يطأط رأسه أمام الله تعالى تعظيما له، سوف نحسن التعامل مع الناس .
وأشار رئيس الأساقفة الى تصرف الإسلام والمسيحية الماضية المبنية على السعي الى تغيير دين بعضهم البعض، ولكن اعتبر علماء هذين الاتجاهين الفكريين في معاملتهم اليوم تبادل وجهات النظر والتفاهم، والمنبثق عنه قدّموه في تحقيق السلم الحقيقي .
وفي ختام كلامه أعرب الاستاذ في قسم الإلهيات المقارن بجامعة جورجيا الحكومية عن وجهة نظره قائلا: وفقا لتعاليم الديانة المسيحية، إذا كنت لا تكترث بحزن ومشقة الآخرين، فلست مسيحيا حقيقيا، وعلى كافة الأديان ان تقف ضد الظلم، حتى لو لم يؤد الى تغيير الواقع؛ لأنه لا يمكن الصمت تجاه ما يحصل من قتل النساء والاطفال .
ومن جانبه تحدّث آية الله الشيخ "مُبلغي" عن الإنسانية وفي بداية الكلام شرع بشرح صفات الله تعالى، وتابع القول: صفة "السلام" هي في مجموعة صفات الله تعالى كما أنها من أسماءه تعالى، الأسماء الإلهية لها تجليات في عالم التكوين والتشريع، وتظهر أهمية كيفية اتساع صفات الله في هذين العالمين (التكوين والتشريع)، وهي بحاجة الى الدراسة .
وأوضح رئيس مجلس محققي الأديان، السنن الإلهية قائلا : جاء في القرآن الكريم "وَالصُّلْحُ خَيْرٌ" وهذا يعني ان الصلح أفضل، والصلح اسم الله تعالى يعني السلام الذي يتجلى في جميع علاقات العالم، والصلح هو صوت وظهور صفة "السلام" لله في العالم، وفي غير هذه الحالة تنعدم العُلقة بين امر الله تعالى والإنسان .
وأشار استاذ الحوزة العلمية بعد توضيح السنن الإلهية الى مراحل الطرق موضحا : ويجب ان يكون انسجام بين السنن الإلهية والطرق، والفقه بمعنى عرض الطرق في الحياة، والذي يرتبط بعلم الكلام؛ لذلك ان صفة سلام الله تنتقل الى الفقه من خلال علم الكلام، وبالتالي تتكون حقوق الإنسانية .
مجال الحرب في الحالات الاستثنائية والاضطرارية
وتحدث عضو هيئة خبراء القيادة عن حقوق الإنسانية من وجهة نظر الإسلام قائلا : المبدأ الأول في الاسلام هو الاقتصار بالحد الأدنى في الحرب والقتل، والذي يتناسب مع آية "الصلح خير"، وينعكس هذا في هيكل الفقه الاسلامي جيدا، وبالشكل الذي تجري قاعدة "احتياط في الدماء" أثناء الشك .
وطرح آية الله مبلغي الإضطرار للحرب عناونا ثانويا لمبدأ حقوق الإنسانية الاسلامي وأوضح قائلا : تبعا لقاعدة "احتياط في الدماء" يجب ان يكون مجال الحرب في الحالات الإضطراية والاستثنائية، وان لا يتبدل الى أمر سريع ، وسهلة المنال، ونشاهد ذلك في سيرة النبي (ص) والأئمة (ع) وفي حالات الحرب لا يبادر أولياء الله بها، وانما يقول القرآن: "وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلۡمِ فَٱجۡنَحۡ لَهَا وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ ".
وأشار في معرض كلامه حول المبدأ الاسلامي في حقوق الإنسانية، الآية 208 من سورة البقرة: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً»، وعنوّن معنى "سلم" انه تجلي اسم الله والدين الاسلامي .
وواصل الحديث الشيخ "مبلغي" حول حتمية الحرب معتبرا إياها المبدأ الرابع، وأوضح : يجب في بعض الأحيان الوقوف ضد الظلم؛ لذلك فيما لو لجئنا الى الصمت، ارتكبنا ظلما، جاء في القرآن الكريم: "أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ"، لم يكن القتال والجهاد كمبدأ أساسي، ولكن في الحروب المفروضة، فيها مصلحة وحتمية.
وأعتبر "العدالة" كركن خامس لحقوق الإنسانية موضحا : قال الله تعالى: «و «وَلا يَجرِمَنَّكُم شَنَآنُ قَومٍ عَلىٰ أَلّا تَعدِلُوا ۚ اعدِلوا هُوَ أَقرَبُ لِلتَّقوىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبيرٌ بِما تَعمَلونَ"، للأسف نقول ان اليوم نشهد ظلم إسرائيل للفلسطينيين والتي تقوم بجرائم غير مسبوقة في قتل الناس الأبرياء وجعله أمرا عاديا من أجل مصالح وهمية وغير مشروعة .
الجدير بالذكر تمت إزاحة الستار في نهاية الندوة العلمية عن كتاب "مقارنة حقوق المريض على أساس النصوص الاسلامية والمسيحية المقدسة" .
المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام، منظمة غير حكومية وعالمية شيعية تعنى بنشر معارف أهل البيت عليهم السلام وترسيخ الوحدة الإسلامية والعمل على اكتشاف وتنظيم أتباع العترة الطاهرة (ع) وتعليمهم ودعمهم.
أنشئت المنظمة علي يد نخبة من الشيعة ويشرف عليها الولي الفقيه والمرجعية الشيعية العليا.
قد قامت المنظمة منذ تأسيسها بدور إيجابي في المستوي العالمي في ترسيخ أسس الوحدة بين مختلف المذاهب الإسلامية.